فإذا علمت أنه قد جرى مجرى حرف النفي، بما ذكرت وبأنهم قالوا: قل رجل يقول [ذاك] إلا زيدٌ، [فجعلوه بمنزلة: ما رجلٌ يقول ذاك إلاّ زيدٌ]، كان قولهم: أقل رجل يقول ذاك أقل فيه بمنزلة حرف النفي، وحرف النفي ينبغي أن يدخل على كلام تام، والكلام التام: الفعل والفاعل، وما حكمهما من الظرف، وليس المبتدأ وخبره مما يجري مجرى الفعل والفاعل هاهنا، ألا ترى أن أبا الحسين يقول: لو قلت: أقل رجلٍ وجهه حسنٌ، لم يحسن، فدل ذلك انهم جعلوا أقل بمنزلة ما وما حقها أن تنفي فعل الحال في الأصل، ويؤكد ذلك أنه صفة، والصفة ينبغي أن تكون مصاحبة للموصوف، فكما لا تدخل ما في نفي الفعل، إلا على فعل وفاعل، وكذلك ينبغي أن يكون الوصف الواقع بعد الاسم المضاف إليه أقل فعلاً وفاعلاً،
أو ظرفاً، لأن الظرف كالفعل، [ألا ترى أن قوله تعالى:(وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) صار دخول الفاء في الخبر للجزاء، كدخولها إذا كانت الصلة فعلاً محضا، كقوله تعالى:(الّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ) ثم قال: (لّهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبّهِمْ) فإن كان كذلك، فلو أوقعت جملة من ابتداء وخبر بعده، لم يحسن، لن ما في الأصل، لا تنفيها، غنما تنفي الفعل، ولو أوقعت صفة لا معنى للفعل فيها، نحو ذات الجمة، وما أشبهه، مما لا يشابه الفعل، لم يجز ولو أوقعت الصفة المشابهة للفعل نحو ضارب وصالح، لم يحسن في القياس أيضاً، ألا ترى أن هذا موضع جملة، واسم الفاعل لا يسد مسد الجملة، ولذلك لم تستقل الصلة به،