للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما اختصار الحديث: فالأكثرون على جوازه، بشرط أن يكون الذي يختصره عالما؛ لأن العالم لا ينقص من الحديث إلا ما لا تعلق له بما يبقيه منه، بحيث لا تختلف الدلالة، ولا يختل البيان، حتى يكون المذكور والمحذوف بمنزلة خبرين، أو يدل ما ذكره على ما حذفه، بخلاف الجاهل فإنه قد ينقص ما له تعلق، كترك الاستثناء.

وأما الرواية بالمعنى: فالخلاف فيها شهير:

والأكثر على الجواز أيضا، ومن أقوى حججهم الإجماع على جواز شرح الشريعة للعَجَم بلسانهم للعارف به، فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى ... ولا شك أن الأولى إيراد الحديث بألفاظه، دون التصرف فيه (١) ...

فإن خفي المعنى، بأن كان اللفظ مستعملا بقلة، احتيج إلى الكتب المصنفة في شرح الغريب، ككتاب أبي عبيد القاسم بن سلام، وهو غير مرتب، وقد رتبه الشيخ موفق الدين بن قدامة على الحروف. وأجمع منه كتاب أبي عبيد الهروي، وقد اعتنى به الحافظ أبو موسى المديني، فنقب عليه واستدرك. وللزمخشري كتاب اسمه "الفائق" حسن الترتيب. ثم جمع الجميع ابن الأثير، في "النهاية"، وكتابه أسهل الكتب تناولا، مع إعواز قليل فيه.

وإن كان اللفظ مستعملا بكثرة، لكن، في مدلوله دقة، احتيج إلى الكتب المصنفة في شرح معاني الأخبار، وبيان المشكل منها. وقد أكثر الأئمة من التصانيف في ذلك كالطحاوي والخطابي وابن عبد البر وغيرهم).


(١) قال اللقاني (٢/ ١١٤٣): (محل الخلاف في غير ما تُعُبِّدّ بألفاظه من الأحاديث، أما هو فباتفاقهم لا يروى بالمعنى؛ كالأذان، والتشهد، والتكبير، والتسليم. قاله المحقق المحلى ... واستثنى بعضهم ما كان من جواكع كلمه صاى الله عليه وسلم، فزعم الاتفاق على منع روايته بالمعنى؛ لأنها معجزة، نحو: "الخراج بالضمان"، "البينة على المدعى"، "العجماء جبار"، "لا ضرر ولا ضرار"، و"الآن حمى الوطيس").
وقال أيضا (٢/ ١١٤٥): (ينبغي ندبا لمن روى بالمعنى أن يقول عقب إيراد الحديث: أو كما قال، أو نحو هذا، أو مثله، أو شِبْهَه، وما أشبه ذلك، فقد ورد ذلك عن ابن مسعود وابي الدرداء، وأنس، وهم من أعلم الناس بمعاني الكلام. ومثل هذا إذا شك القارئ أو الشيخ في لفظة أو أكثر، فإنه يستحسن أن يقول: أو كما قال).

<<  <   >  >>