أو إن روى عنه اثنان فصاعدا، ولم يوثق فهو مجهول الحال، وهو المستور. وقد قبل روايته جماعة بغير قيد، وردها الجمهور. والتحقيق أن رواية المستور، ونحوه، مما فيه الاحتمال؛ لا يطلق القول بردها، ولا بقبولها، بل يقال: هي موقوفة إلى استبانة حاله، كما جزم به إمام الحرمين).
[رواية المبتدع:]
-[قال الحافظ:(ثم البدعة: إما بمكفر، أو بمفسق، فالأول: لا يقبل صاحبها الجمهور. والثاني: يُقْبَل من لم يكن داعية في الأصح، إلا إن روى ما يقوي بدعته فيرد على المختار، وبه صرح الجُوزَجَاني شيخ النسائي).]-
وقال في "النزهة"(ص/٢٣٢): (ثم البدعة: وهي السبب التاسع من أسباب الطعن في الراوي: وهي إما أن تكون بمكفر: كأن يعتقد ما يستلزم الكفر، أو بمفسق. فالأول: لا يقبل صاحبها الجمهور. وقيل: يقبل مطلقا. وقيل: إن كان لا يعتقد حل الكذب لنصرة مقالته قبل. والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعة؛ لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفها، فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف. فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسه (١)، فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه، مع ورعه وتقواه، فلا مانع من قبوله.
(١) قال الصنعاني في "ثمرات النظر" (ص/٢٥): (أي إثباتا لأمر معلوم بالضرورة أنه ليس منه وإنما فسرنا العكس بهذا لأن ذكر الاعتقاد لا دخل له في كون الفعل بدعة فلا بد من حمله على إثبات أمر ليقابل إنكار أمر فيكون إلماما بالأمرين اللذين هما مرجع البدعة ومنشؤها وهما النقص في الدين والزيادة فيه ... وكان حق العبارة أن يقول أو إثبات غيره أي إثباتا لأمر في الدين معلوم بالضرورة أنه ليس منه قلت إلا أنه لا يخفى أنه من كان بهذه الصفة فهو كافر لرده ما علم من الدين ضرورة وإثباته ما ليس منه ضرورة وكلا الأمرين كفر وإنه تكذيب للشارع وتكذيبه في أي أمر علم من الدين ضرورة إثباته أو نفيه كفر فهذا ليس من محل النزاع إذ النزاع في مجرد الابتداع لا في الكافر الكفر الصريح فلا نزاع فيه وإذا كان من هو بهذه الصفة فقد جاوز رتبة الابتداع إلى أشر منه).