[أما سمعت أن الله كَفَّرَهُمْ بكلمة مع كونهم في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجاهدون معه ويصلون معه ويزكون ويحجون ويوحدون، وكذلك الذين قال الله فيهم:{قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون؟ لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}]
[فهؤلاء الذين صرح الله أنهم كفروا بعد إيمانهم وهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، قالوا كلمة ذكروا أنهم قالوها على وجه المزح، فتأمل هذه الشبهة وهي قولهم: تُكَفِّرون المسلمين أناسا يشهدون أن لا إله إلا الله ويصلون ويصومون، (ثم تأمل) جوابها فإنه من أنفع ما في هذه الأوراق. (١)]
[ومن الدليل على ذلك أيضاً ما حكى الله عن بني إسرائيل مع إسلامهم وعلمهم وصلاحهم أنهم قالوا لموسى:{إجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة}،]
[وقول ناس من الصحابة:{إجعل لنا ذات أنواط} فحلف - صلى الله عليه وسلم - أن هذا نظير قول بني إسرائيل اجعل لنا إلهاً.
ولكن للمشركين شبهة يدلون بها عند هذه القصة وهي أنهم يقولون: فإن بني إسرائيل لم يكفروا، وكذلك الذين قالوا: {إجعل]
(١) وذلك أن شبهتم من أقوى الشبه تلبيساً وأشد تدليسا فإن من شهد أن لا إله إلا الله وصلى وصام عظم إطلاق الكفر عليه عند الجاهل ولم يعلم أنه هدم هذه الأعمال بشركه ودعوته غير الله فلم تنفعه عبادته لأن من لم يأت بالتوحيد الخالص لم يعبد الله فلهذا صار هذا الجواب من أنفع الأجوبة.