للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما أبخس حظ من دافع عن الجهمية وحَمِدَ مسْلكهم إنه يشعل نار الذنوب لتأكل روحه فيظل بجسد خواء تكتنفه الوحشة وتعلوه الظلمة وتتناوب عليه الهموم والغموم، ووالله إن الأمر أعظم من ذلك وهذا في الدنيا أما الآخرة فإن عذاب الله شديد، {ويحذركم الله نفسه}.

إن أردت معرفة ذلك مجملاً فاعلم أن تنزيه الجهمية المدَّعى إنما هو نفي صفات الجليل وهو أسرع وأوسع طريق موصل للتعطيل، إنه طمْس المعرفة بالمعبود سبحانه، لقد فرغ أئمة أهل السنة من هذه التركة الإبليسية وبيّنوا أمرها وشأنها {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة} قالوا: إن نهاية الجهمية أن ليس فوق العرش إله يُعبد، وهذه والله هي الحقيقة يعرف ذلك من جادلهم أو اطلع على كلامهم أو كلام أهل السنة فيهم.

لقد أوْحشهم الشيطان غاية الوحشة أن يثبتوا لله سبحانه صفاته خشية التجسيم بزعمهم حتى قادهم بسهولة إلى التعطيل حيث أنهم يثبتون ذاتاً مجردة عن الصفات.

وقد ذكر أهل السنة وصدقوا أن هذه الذات المزعومة لا يمكن وجودها إطلاقاً لأن كل موجود لابد له من صفة، أما الذات المجردة من الصفات ففي الأذهان وليست في الأعيان فتأمل هذا فإنه يجمع لك ما تشعب وتشتت من مذهبهم إنهم يعبدون العدم (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه) نعوذ بالله من الحَوْر بعد الكَوْر ومن الضلال بعد الهدى.

<<  <   >  >>