كذلك فإنه الواسطة يسْتدرّ الرحمة ويسْتدعي اللطف من الملك والإله الحق سبحانه هو أرحم الراحمين وهو اللطيف بعباده.
كذلك فإن الواسطة يُحرّك كرم الملك وجوده أما الإله الحق فهو أكرم الأكرمين وأجود الأجود.
وأيضاً فإن الواسطة مُعين على الحقيقة للملك وظهير لعجز الملك عن تدبير ملكه، أما الإله الحق سبحانه فليس له مُعيناً ولا ظهيراً وهو على كل شيء قدير.
كذلك فإن الملك الذي تتخذ من دونه الوسائط مُنفعل مُؤثَّر فيه لأنه مخلوق، ولذلك تعمل معه الوسائط عملها، أما الإله الحق سبحانه فإنه فاعل غير منفعل لا يؤثِّر فيه المخلوق بل هو الذي يُحَرّك المخلوقات ويُسكنها.
والمراد من نفي الوسائط انجذاب القلب والروح بالكلية إلى الإله الحق محبة وخوفاً ورجاءً الموجب لإفراده بالدعاء والذبح وجميع أنواع العبادة التي يُتقرب بها لحصول نفع أو دفع ضر.
إن متخذ الوسيط قد شرّك في عبوديته مخلوق مثله لا يخرج عن طَوْر مماثلته في عجزه وفقره وحاجته، وكوْنه مملوك لمالكه فتَشَعّبتْ محبة قلبه وخوفه ورجاؤه وانْقسمت بين مخلوق وخالق ومرزوق ورازق وفقير وغني وعاجز وقادر.
لأن المشرك متخذ الوسيط وإن كان في قلبه محبة لله وخوف ورجاء إلا أن هذا لا يقبله الله لأجل المشاركة الدخيلة على الفطرة