للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"إنما كان دينه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه، فيقول الزبير: "لا، ولكنه سلف، فإني أخشى عليه الضيعة ". (١)

مما رواه الإمام البخاري نرى أن الذين جاءوا بهذه الأموال أرادوا حفظها عند الزبير، أي أن تكون وديعة، فطلب الزبير منهم أن تكون سلفاً لا وديعة، ونعرف الفرق بين الوديعة والقرض: فالوديعة لا يضمنها المودع لديه، والقرض يضمنه المقترض؛ ولذلك قال الزبير: "فإني أخشى عليها الضيعة" أي إنه يكون ضامناً للمال باعتباره مقترضاً. ويقابل هذا الضمان أن يكون من حقه الاستفادة من هذا المال المقترض، فيخلطه بماله في التجارة وغيرها، أما الوديعة فتبقى كما هي لا يستفاد منها. (٢)

فالإرفاق هنا حصل للمقرض لا المقترض، وهذا ملاحظ من قول الزبير: "لا، ولكنه سلف، فإني أخشى عليه الضيعة".

فالزبير هنا يريد الإرفاق بالمودعين فحول العقد من عقد وديعة إلى عقد قرض ليضمن لهم أموالهم، بدليل أنه مليء لا يحتاج لأموالهم، ولم يفعل ذلك رجاء استثمارها انظر إلى قوله: "فإني أخشى عليه الضيعة" فإنه واضح في كونه أراد الإرفاق بهم.

قال ابن حجر رحمه الله تعالى: قوله: "لا، ولكنه سلف" أي ما كان يقبض من أحد وديعة إلا أن رضي صاحبها أن يجعلها في ذمته، وكان غرضه بذلك أنه


(١) أخرجه البخاري (٣/ ١١٣٨)، برقم (٢٩٦١)، بَاب بَرَكَةِ الْغَازِي في مَالِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا مع النبي صلى الله عليه وسلم وَوُلَاةِ الْأَمْرِ.
(٢) موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة لشيخنا السالوس (ص: ١٢٦).

<<  <   >  >>