مقابل خدمة أو سلعة أخرى؛ فإن كانت في السوق مثلاً شياه وجمال، وقمح وزيت، وحرير ... فإنه وفي غياب المقياس الذي يعرف به ثمن كل سلعة على حدة تصعب عملية التبادل، فالجمل كم يساوي من القمح؟ والزيت كم نسبة مبادلته من الحرير؟ ونظراً لصعوبة هذا الأمر فقد هدى الله الإنسان إلى اتخاذ النقود لتكون ثمنا وقيما لسائر السلع والخدمات، فتسهل عملية التبادل.
وبعد ظهور النقود، وتحديدها كوسيلةٍ قيميةٍ وثمينة للأشياء والسلع، انتقلت البشرية نقلة نستطيع القول بأنها تاريخية وهائلة.
قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى:
من نعم الله تعالى خلق الدراهم والدنانير وبهما قوام الدنيا وهما حجران لا منفعة في أعيانهما ولكن يضطر الخلق إليهما من حيث إن كل إنسان محتاج إلى أعيان كثيرة في مطعمه وملبسه وسائر حاجاته وقد يعجز عما يحتاج إليه ويملك ما يستغنى عنه كمن يملك الزعفران مثلا وهو محتاج إلى جمل يركبه ومن يملك الجمل ربما يستغنى عنه ويحتاج إلى الزعفران فلا بد بينهما من معاوضة ولا بد في مقدار العوض من تقدير إذ لا يبذل صاحب الجمل جمله بكل مقدار من الزعفران ولا مناسبة بين الزعفران والجمل حتى يقال يعطى منه مثله في الوزن أو الصورة وكذا من يشترى داراً بثياب أو عبداً بخف، أو دقيقاً بحمار فهذه الأشياء لا تناسب فيها، فلا يُدرى كم من الجمل يساوي من الزعفران فتتعذر المعاملات جداً؛ فافتقرت هذه الأعيان المتنافرة المتباعدة إلى