الفضل في ذلك بقدر ما إلى وزير الخارجية المصرية آنذاك، وإلى المساعي الحميدة التي قام بها مندوب الهند وإلى الإرادة الطيبة التي دفعت دول أمريكا اللاتينية إلى تأييدهما.
ولقد تبودلت بعض الابتسامات الدبلوماسية آنذاك، حتى بين الجامعة العربية وإسبانيا، فكانت ابتسامات تلوح من خلالها، في غموض، بعض المشاريع (الدفاعية)، وهي لا تتطلب سوى أن تتحدد معالمها في مواثيق عسكرية في نطاق تنظيم للمنطقة، قائم على أساس شكل من أشكال حلف الأطلنطي، تغذي روحه أخوة بين البلاد الواقعة على البحر الأبيض.
وإذن. فالفكرة في أصلها غامضة، وهي لا تقوم على أي ضرورة أساسية مدركة بوضوح، ولا على أي نظرية محددة للغايات والوسائل، فلو أردنا أن نعتبرها تعبيراً عن السياسة العربية آنذاك فسنجد فيها فعلاً الفكر المستسلم الذي ميزته تلك السياسة في قضية فلسطين، حيث توج وظيفته التاريخية كفكر يخضع للأحداث، وترابطها الاتفاقي أكثر من أن يحضع لدقة نظرية، ونظام تطبيقها.
فالفكرة في ذاتها كانت إذن مصابة ببعض العقم في صميمها، إذ لم يكن لها ما يبررها في أصلها، وهي لم تكن تصدر عن أي أساس حيوي أو رئيسي أو جوهري. وبهذا لم تكن تعبر عن أي إلزام، سياسي أو أخلاقي، يمكن أن يتجلى داخل نطاقها، بقدر ما، في صورة رقابة على أعمال الحكومات، أو المسؤولين من أعضاء الكتلة العربية الآسيوية.
فكان من المستطاع أن يذهب أحد هؤلاء الأعضاء مثل نوري السعيد رغم عضويته، إلى ما يتنافى مع أهدافها وتوجيهها، دون أن يخشى أي جزاء أخلاقي أو سياسي تستتبعه هذه المخالفة. وبذلك كان من الممكن أن تؤثر عوامل خارجية على التوتر في الكتلة، وبهذا أصبحت تخضع لقوى التحليل نفسها التي كانت تضغط على الجامعة العربية لتسيير بعض أعضائها نحو حلف بغداد، واحداً بعد آخر، لعزلهم عن بقية الأعضاء ... الذين كانوا يساقون إلى حلف