جنوبي شرق آسيا ( S.E.A.T.O) ولم يكن للفكرة العربية الآسيوية أن تقاوم بسهولة هذه المؤمرات التي تهدف إلى تضليلها. إذ لم يكن بناؤها الداخلي قادرا على أن يقاوم الضغوط الخارجية، أي إنها لم يكن لها مضمون نظري يكوِّن مقياسها، ويحدد خطها، الخط الذي يمكن في ضوئه أن نحكم على بعض الاتجاهات، وعلى بعض المحاولات المنحرفة.
في هذه الظروف، وفي غيبة المقياس الخلقي والسياسي، كانت الكتلة العربية الآسيوية إذن مفتوحة لجميع المؤامرات من الخارج، من جهة، وعاجزة من جهة أخرى عن أي عمل منظم هادف لحل جميع المشكلات العضوية التي تعانيها الكتلة، ومشكلات توجيهها. فكانت بذلك تابعة أكثر من أن تكون متبوعة، تخضع للصدف الطارئة في هيئة الأمم المتحدة وتقلبات الجامعة العربية التي كانت تشكل عناصر قيادتها الجوهرية، فاتبعت الطريق المعوج الذي تسنه الظروف المفاجئة؛ توجهها تارة نحو محور عدم العنف، في الظروف التي يظفر صوت الهند فيها بنفوذ كبير؛ وتارة أخرى نحو محور القوة، عندما يلوح بعض الأعضاء بالعصا لتوجيهها في هذا السبيل. فإذا تصورنا الكتلة العربية الآسيوية هكذا أي كرباط سياسي يتفق مع ظروف الساعة، ومع حوادث الطريق فهمنا أنه لم يكن لديها إذن (بوصلة) خاصة تتيح لها أن تحتفظ باتجاه معين بالنسبة إلى الأهداف البعيدة.
ومن ناحية أخرى، فإنها لم يكن لديها أي جذر متأصل في نفس الشعوب العربية الآسيوية، أي اتصال مباشر بضمائرها ولا أي امتداد ودي أو أخلاقي في حياتها تستمد منه إلهامها وحيويتها.
وبانعدام هذا الاتصال الروحي؛ انعدم لديها العامل العاطفي، وسائر العناصر الودية والنفسية، وهي العناصر التي تقر الصلة الحيوية بين النفس الشعبية؛ والعمل السياسي؛ كما هو حاصل فعلاً بين منظمة حلف الأطلنطى وشعوب الغرب، أو بين حلف وارسو والشعوب التي تنطوي تحته. ولأنها كانت مخصصة