لمواجهة مجرد الطوارئ التي قد تطرأ في هيئة الأمم المتحدة بالنسبة إلى بعض المشكلات؛ كمشكلة شمالي إفريقية أو غيرها؛ فإن لم يفكر في أن يضع لها قاعدة نفسية متينة عميقة، ولا هدفاً سياسياً بعيداً.
وكل ما في الأمر أن محركيها كانوا يهدفون إلى تكوين أداة للمناقشات، يتحكمون بها في كمية من الأصوات اللازمة في هيئة الأمم، لموازنة تأثير الدول الكبرى؛ دون أن يبينوا لها بصورة مدققة مراكز التقل؛ التي يتحدد بها ويتحقق ذلك التوازن.
حتى كانت الكتلة تفقد خارج هذا النطاق كل معنى؛ وكل تأتير وتذوّق للعمل والنشاط. ولم يكن بين أعضائها إلا قدر كاف من الاهتمام السامي لمواجهة مشكلة خاصة؛ ولكنه لم يكن كافياً لأن يدفعهم إلى أهداف بعيدة؛ وإلى الاشتراك في علاج المشكلات العضوية أو مشكلات التوجيه. إن اتفاق الآراء في الكتلة كان يمكن أن يحدث بصدد مشكلة ثانوية، لا بصدد مشكلة جوهرية يتوقف عليها بقاء الرجل الذي يعيش ما بين طنجة وجاكرتا. حتى إذا نشأت مناقشات خارج أروقة هيئة الأمم بعيداً عن صدفها وتقلباتها، كان يوجد دائماً من يعلقها بسؤال تافه ليحول بينها وبين اتخاذ قرار في مسألة هامة. ولقد حدث- على ما نذكر- مثل هذا التعليق في كولومبو، حيث أوشك أن يعرقل فكرة المؤتمر الأفرسيوي، لأن المناقشات قد صارت في لحظة ما، إلى مسائل ثانوية متنازع عليها؛ مثل مسألة كشمير.
وكانت هذه- بصورة ما- المرحلة الصبيانية، فإن المشكلات لم تكن تواجه فيها طبقاً للمصاع العليا؛ بل كانت مواجهة الموضوعات خاضعة للمصالح الخاصة، بل حتى في بعض الحالات، خاضعة للمصالح الشخصية؛ كما رأينا في باندونج نفسها، وكانت هذه المصالح، تظهر طبعاً نقط الضعف التي تعانيها الكتلة، ومفاصلها التي تتجه أعمال التخريب من الخارج إلى فصمها، وأن الكتلة لتدين بهذا البناء المتقطع الأوصال للطريقة التي كوِّنت بها عن طريق الصدفة،