كتلفيق مناسب دبر، لا ليواجه حالة تطور، أي مجموعة من المشكلات، بل ليواجه أمراً طارئاً، ومشكلة معينة دون أي اهتمام حق باتجاه التاريخ.
ولم يكن لهذا النقص أن يغيب عن أذهان القادة، ولذا فإن الدعوة الموجهة من المؤتمر التحضيري لدول كولومبو تدل على الرغبة الملحة في رأب الصدع، الذي بدأ في البناء الواهن وعلى الأخص منذ تعطلت الكتلة بسبب الأحداث التي قلبت الوضع في طهران بتنحية مصدق، ومنذ أحداث دمشق.
وعليه فإن فكرة إعادة دفعها قد خلقت في نيودلهي، كما خلقت في العواصم العربية، فكان شهر إبريل ١٩٥٤م هو الذي سجل بمناقشات كولومبو دخول فكرة الكتلة العربية الآسيوية في التاريخ، وقد تحولت إلى فكرة أفرسيوية. وهو تاريخ يسجل منعطفاً يلتقي مع أزمة النمو حين يبلغ ذروتها، وبصورة أخرى سجلت نهاية الكتلة العربية الآسيوية نهاية المرحلة الصبيانية في هذا التطور.
وفي هذا التاريخ كانت التجربة ناضجة لكي نستخلص منها بعض النتائج الموضوعية، فلقد اجتازت الفكرة إمتحاناً رهيباً، وكشفت خلال ذلك عن عناصر قوتها، ونقط ضعفها. فكان في ميزانها عناصر إيجابية، وعناصر سلبية، وبقي أن توجد الطريقة الفعالة لإعادة تكوينها، ودفعها إلى الأمام بقوة جديدة، وعزم جديد مع تزويدها بما يخصب مضمونها الروحي والسياسي.
ولقد كان يمكن تحديد هذا المنهج بطريقتين، لكي نأخذ في حسابنا تاريخ الفكرة من جانبين: في نجاحها، وفي إخفاقها، أي باعتبار ما فيها من عناصر النجاح والخيبة.
وكان من اللازم أولاً أن تزول عن الكتلة العربية الآسيوية صفة الارتجال، وأن يخلصها التنقيح من كونها مجرد تلفيق مناسب ومؤقت يمضي بمضي الحالة الخاصة التي خلقته في إطار محدود، وفي زمن معين حتى يزول عنها ذلك الطابع الذي لازمها من أنها مجرد اصطناع دبلوماسي يخضع لتغيرات الظروف الدولية. ويخضع لمؤامرات الكبار، وتخريب تلاميذهم الصغار، هذا من ناحية، ومن ناحية