للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تجميع الشعوب الأفرسيوية وتوحيدها، كي تقوم بدورها في العالم، على الرغم من عمليات التعطيل التي يمارسها على التاريخ تلاميذ الدكتور مالان (١) ونحن نجد من الوجهة الأخلاقية أن هذه الفكرة قد عدلت فعلاً في الماضي، ويمكنها الآن أن تلغي خطر التحلل الذي يمثله هوس الحرب.

وإذن فبفضل ما حركت من قوى روحية واجتماعية تستطيع الفكرة الأفرسيوية أن تلعب دوراً يطلق عليه دور (التعجيل والتعديل) وهناك نموذج مقدم سلفاً عن تأثيرها المعدل في النطاق الدولي، وذلك في محاولة الهند التوسط منذ ثمانية أعوام في قضية كوريا وغيرها.

ولو أننا تعمقنا في دراسة الحرب الباردة، فسنجد أنه مما لا نزاع فيه أن تطورها نحو مرحلة التعايش- بصرف النظر عن العوامل الدبلوماسية والاستراتيجية- كان مطبوعاً ببعض الأقدار التي فرضت رقابة أخلاقية خفية، ولكنها صارمة على القرارات السياسية، وفي هذه الرقابة تتجلى مواقف التحفظ التي وقفتها هذه الشعوب في الميدان الدولي بصورة تتفاوت في صراحتها، وتصادف تفسيرها السياسي في مصطلح (الحياد).

ولا شك في أن هذه التحفظات التي قلبت كل الحقائق الاستراتيجية في الحرب الباردة. وجميع خطط هئيات أركان الحرب، كانت لدى أغلبية الشعوب الأفرسيوية مواقف أخلاقية أكثر منها سياسية، فهي إذن في أصولها دفعات روحية.

ولعل التاريخ يقول للأجيال فيما بعد: إن (الفكرة الأفرسيوية) قد وهبت للعالم الخلاص، قبل أن يطلق عليها اسمها، فهي بإنشائها (المنطقة الحرام) بين الكتلتين في صورة سياسية حيادية، كونت في الحقيقة فراغاً لم تعد الحرب الباردة تجد فيه قوتاً يحولها إلى حرب ساخنة، وهي بعملها هذا قد أتاحت لفكرة


(١) زعيم التفرقة العنصرية بجنوبى إفريقية.

<<  <   >  >>