للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

جزءاً من التاريخ هي أن يتحول إلى (عمل) إلى دافع عمل، إلى طاقة عملية، إلى إمكانية عمل، ولقد تكوَّن (علم) الاقتصاد الاشتراكي على يد ماركس وإنجلز. ولكن تأتيره بدأ مع تكوين (الضمير) الاشتراكي منذ ثورة أكتوبر ١٩١٧ م، فلقد صب نشاط لينين ومدرسته مبدأ الاقتصاد الاشتراكي في نفسية الشعب الروسي، وفي عقليته، وفي حركته، أو ديناميكيته. فالاقتصاد الاشتراكي إذن هو ثمرة التوفيق بين (علم) هو العلم الماركسي وبين (ضمير) هو وعي الطبقات. من غير أن نصدر هنا حكماً مطلقاً، أي حكماً على هذا التوفيق كقيمة إنسانية وإنما كحقيقة اقتصادية، فإننا نقرر أنه هو الذي ولَّد ما يسمونه (الطفرة الإنتاجية Economie de choc).

فطريقة الإسطخانوفية ( Stakhanovisme) التي كانت عنصراً جوهرياً في خلق الواقع الاقتصادي الراهن في الاتحاد السوفييتي هي قبل كل شيء نتيجة للظروف النفسية الجديدة، ونتيجة البناء العقلي الجديد.

فأي (مشورة) تهدف إلى وضع نظام اقتصادي أو إصلاح نقائصه ينبغي إذن من حيث المبدأ- ويصعب عند التطبيق- أن تضع في حسابها العناصر غير الاقتصادية، وبهذا نلتقي مرة أخرى مع أسبقية (عالم الحياة الاجتماعي) على (المهندس الاجتماعي) عندما نبدأ من الأساس، وفي هذا المستوى، أي في بداية أي تجربة اجتماعية لا يكون الأمر فقط أن نحل معادلة اقتصادية، بل أن نكيفها طبقاً لمعادلة شخصية معينة. وأي تجربة تغفل في بدايتها هذه العلاقة الأساسية لا تكون سوى تجربة نظرية مقضي عليها بالفشل. ولو أردنا أن نستخلص من هذا الكلام نتيجة صادقة لبناء اقتصاد أفرسيوي، فمن اللازم أن نفكر في الشروط الفنية التي يتطلبها التوفيق بين معادلة إنسانية معينة خاصة بالبلدان المتخلفة، وبين المعادلة الاقتصادية للقرن العشرين. إن الاستعمار لم يحاول تحقيق هذا التوفيق في استثماره للبلدان المستعمَرة، حيث كان العمل استرقاقاً وعبودية يستهدف إثراء المستعمِر أكثر من أن يهدف إلى إعاشة المستعمَر، وبذلك انحطت فكرة ((العمل))

<<  <   >  >>