فاشتراكية وسائل الانتاج في رأي نهرو لا ترجع إلى أي مبدأ مذهي، بل إلى ضرورة تحددها ظروف خاصة بالوسط الهندي، وبإمكانياته الحالية. وفي هذه الظروف يستطيع الاقتصاد الهندي خاصة والاقتصاد الأفرسيوي عامة في ميدان التطبيق أن يستلهم سياسة مخططة من نظام المزارع الجماعية ( Système Kholkhozien) توفر له القدرة على التأثير. كذلك لا يمكننا في الميدان النظري أن نغض النظر عن أفكار المهندس الزراعي تيرانس مالتسيف ( Térence Maltsev) الذي تخصص في استغلال الأراضي القاحلة أو نصف القاحلة، تلك الصفة التي تنطبق على مساحات شاسعة من الرقعة الأفرسيوية، وتنطبق على كل حال على أراضي الشمال الافريقي. لأن عجز الإنتاج الزراعي في هذه المنطفة لا ينتج في الواقع عن استعمال الوسائل العتيقة أو عن التنظيم الزراعي فحسب، بل إنه ينتج أحياناً عن الظروف الطبيعية القاسية. وقد لا يكون العلم قد توصل حتى الآن إلى التحكم في هذه الظروف لكي يفرض بطريقة علمية توجيه الأراضي في الزراعة، ولكن البلاد القاحلة- وأغلب البلاد الإسلامية في هذه الحالة- تستفيد كثيراً من متابعة نمو الأفكار التي أبدعها تيرانس مالتسيف.
وعلى كل، فإن ما تتصف به هذه المشكلات من التسلط على الاقتصاد الأفرسيوي لا يفتأ يزداد مع ضغط زيادة السكان من ناحية، ومع ضرورات الاستثمار من ناحية أخرى بما أن الانتقال إلى المرحلة الصناعية لا يمكن أن يتم دون فائض في الانتاج الزراعي، والمفروض أن هذا الانتقال سيحدث مع تطبيق الاشتراكية على وسائل الإنتاج، كما يدل عليه التوجيه الحالي في الهند. ولكنا نصادف هنا المشكلة الثانية في الاقتصاد الأفرسيوي، وهي مشكلة المواد الأولية، وكما حدث في الأولى، يحدث في هذه المشكلة، حيث تتراكب العناصر الاقتصادية المحضة فوق العناصر النفسية، التي لا يلزمنا أن نعود هنا إلى الحديث عنها. ويبقى علينا أن ننظر إلى زيادة الإنتاج الزراعي- الذي يشمل بقدر كبير جميع برامج التجهيز الصناعي- من الزاوية الاقتصادية المحضة.