للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حركة التاريخ، تقترب فكرة جنيف من فكرة عدم العنف، حتى كأنها ظلها على محور القوة.

ولقد سبق أن دخل هذا الظل في الحياة العقلية على هذا المحور، بحيت أنتج أدباً كاملاً يبدأ من القصة التي تحتوي تكهنات عن الحياة الأرضية وحيث نجد موضوع التعايش يحوطه القليل أو الكثير من التشاؤم، كما أنتج أيضاً دراسات قانونية مضنية يريد القائمون بها تعريف أسس (المعايشة) التشريعية. ففكرة جنيف تنمو إذن مع هذه الحركة العقلية التي تمتد تدريجاً من الميدان السياسي، إلى الميدان الفكري الخالص في الفلسفة، والقانون، والاجتماع، والأخلاق. وكلما امتدت هذه الحركة، يضيف موضوع التعايش إلى مضمونه ثروة، ويزداد مفهومه تحديداً وعمقاً بحيث يتجاوز المعنى السطحي الذي خلعه عليه التفسير الرسمي. وربما لا يكون من الغريب أن يمتد إلهامه إلى الميدان الفني، وأن يجد الفنان العبقري مثل (بيكاسو Picasso) ليترجمه في أسلوب الوجودية السياسية.

إن سبل التاريخ تمر بفكر البشر، وسيمر (التعايش) ضرورة بهذه السبل، كيما يصير واقعاً تاريخياً.

ومن اللازم ضرورة أن يمر بجميع المناطق، حيث الذكاء الإنساني على قدم الاستعداد ليصوغ الاجابة على تحدي القوة، وسيساعده على ذلك، ريح التاريخ المواتية، فلقد نزع موت ستالين من طريقه أخطر عقبة كانت تلقاه في مهمته السياسية، فلقد حال حكم الفرد زمنا طويلاً دون اتصال الشعوب على محور واشنطن - موسكو. وذلك بسبب حقيقته نفسها أو بسبب الأوهام المرعبة التي خلقها. فمع اختفاء ستالين تختفي النواة التي انعقد حولها (ذهان) الحرب الباردة، بحيث يبدأ من تصفية هذا الذهان عهد من التحرر النفسي، يسجل نقطة تحول في الظروف الدولية. لقد بدأ عهد التعايش- بصورة ما- رسمياً في عام ١٩٥٤م مع العيد السابع والثلاثين لتورة أكتوبر في موسكو. وسجلت هذه الملابسات في خطبة نائب رئيس وزراء السوفييت (سابوروف Sabourov) الذي

<<  <   >  >>