أخلاقية مع فكرة عدم العنف، كما عبر عنها في اليوم نفسه في نيويورك، مندوب الهند في الأمم المتحدة، مستر كرشنا مينون.
والواقع أن من اللازم أن تتابع فكرة التعايش وظيفتها وسط جميع العقبات من كل نوع، سياسية كانت أم عقلية أم أخلاقية. ففي عالم لم يتخلص بعد من تكوينات العصور الوسطى يجب أن تتخلص الفكرة من (ثقافة الإمبراطورية) التي صارت شيئاً فشيئاً ثقافة أوروبا منذ عصر (النهضة) وأوائل العصر الاستعماري، أي إنها يجب أن تتخلص من كلاسيكية ( Classicisme) الفكر الأوروبي، الذي قسم العالم إلى الأبد إلى مجموعتين: مجموعة (المتحضرين) المتجمعة في دول كبرى، ومجموعة (المستعمَرين) المشحونين في (عبوات) تسمى بالمستعمرات.
ومن البيِّن أن فكرة التعايش تصادم مضمون هذه الكلاسيكية وتنفره، أما الآن، فيكفينا أنها تعبر في غموض عن فكرة الهدنة في الحرب الباردة، وأنها تحدث انفصالاً مناسباً في العملية المقدورة التي كانت تقود الشعوب إلى النزاع العالمي الثالث. نعم يكفينا كمسكِّن يُعطى لمحموم فيهبط بارتفاع الحمى الخطير. فهي الآن تعدّ تأجيلاً للقضاء، وحل الانتظار الذي يمنح الزمن الكافي للحلول النهائية كيما تنضج، وللتطور الإنساني كيما يتغلغل في الأفكار والأشياء، وللعالم كيما يجد اتجاهه الجديد، حيث يتخلص أولاً من العقد النفسية الناشئة عن القوة والسيطرة. فهذا هو الزمن الضروري- من الناحية العملية- للتقريب بين مقاييس الرأسمالية والشيوعية من جهة، ولتصفية الاستعمار والقابلية للاستعمار من جهة أخرى، أي الزمن الضروري كيما يزيل العالم ثالوثه الجغرافي السياسي، ونحن نفهم من هذا أن تلك المرحلة التي ينحو فيها العالم نحو التوحيد، حيث يمضي من خلال المرحلة المؤقتة والمرحلة الانتقالية إلى المرحلة النهائية، يجب ألا يكون هذا الانتقال إلى قيامة نهائية. وفي هذا الجو الغامض تتكامل فكرتا جنيف وباندونج، فالحياد الذي ينمو على محور طنجة - جاكرتا