للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التي قد تتوافق مع السنة الجغرافية الطبيعية الحالية. والحق أنه للمرة الأولى سيعمل العلماء من سبع وثلاثين أمة في مجموعات، طبقاً لبرنامج علمي مشترك، وخاضعين لتوقيت موحد وأن التاريخ يلقي هكذا من آن لآخر على مسرح (العالمية) ضوءاً طبيعياً ... وفي ضوء هذا النهار الوليد يقوم الإنسان بدوره (العالمي) في جميع أشكاله ... فمكتب العمل الدولي الذي يعمل في جنيف يعد طبعاً نظيراً لاتحاد البريد العالمي الذي تعمل إدارته في برن.

وحتى (الجمعية الوطنية للمحاربين القدماء) قد اتجهت منذ حين إلى أن ترتبط بجهاز، أي باتحاد عالمي للمحاربين القدماء، بينما يقوم في زيورخ ( Zurich) تنظيم عالمي للتسلح الخلقي. وهكذا كلما تجاوزت مقدرة الإنسان المستويات المحلية، فإن نشاطه يعبر الحدود القومية، ليتلاقى ويتعاقد ويترابط في (أجهزة) تنسج شبكة (العالمية) التي تنبسط تدريجياً على العالم (١).

وفكرة التعايش نفسها ترجمة عن الظاهرة في المجال السياسي والأخلاقي إذ إن الإنسان حين انتصر على الزمان وعلى المكان فإنه قد هدم الخطط الاستراتيجية بتصغيره لحجم العالم، فالطائرة التي كانت تذهب من كوبنهاجن إلى لوس أنجليس ( Los Angeles) عن طريق الأطلنطي، يمكنها الآن أن تأخذ طريق القطب الشمالي. والطائرات القطبية التي تلتقي فوق جرينلند قد قصرت هكذا المسافات، ووفرت الساعات، فهذا التصغير للعالم يقلب جميع الخطط الاستراتيجية .. والتعايش السياسي نتيجة هذا الانقلاب.

وهذا التصغير للمكان يعدُّ كأنه (تكبير) للإنسان، وامتداد ورحابة في نطاقه الشخصي (٢) إذ في هذا المستوى يصبح العالم وطنه، وميدانه المحدود، و (مجاله الحيوي) العادي.


(١) في المؤتمر البرلماني الدولي الذي انعقد في لندن في سبتمبر ١٩٥٧م عرض السناتور الأمريكي كيفوفر مشروع إنشاء بنك دولي للتغذية.
(٢) نحن ندرك أيضاً أهمية القمر الصناعي الروسي في (تكبير) هذا النطاق.

<<  <   >  >>