للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عالمي)، وهو جهاز اليونسكو ( U.N.E.S.C.O) حيث تتلاحم شبكة الثقافة الإنسانية، فهو بمثابة قلب ذي نبضات عالمية تنقل في جميع الاتجاهات عناصر الحياة الضرورية لنمو الحضارة، كما ينقل القلب العضوي العناصر الضرورية للحياة البيولوجية ولنموها. واليونسكو تؤدي- في الواقع- هذا الدور، وهي تضيف إلى القيم الثقافية الخالصة مغزى عملياً في المقدرة التأثيرية، في صورة تنظيم عالمي للثقافة.

وربما لا يستطيع هذا (القلب) الآن أن يوصل (دم الثقافة) المحيي إلى بعض الأجزاء المحرومه في العالم، ولكن تنظيم الحياة الثقافية كسائر أنواع النشاط الإنساني يتبع تطوراً مستمراً يتجه أيضاً وجهة عالمية.

ولقد مر الجهاز الثقافي بمرحلة (الصالون الأدبي) ثم بمرحلة الأكاديمية الإقليمية التي كانت في فرنسا قبل النهضة وإبانها، تم بمرحلة الأكاديمية القومية، وأخيراً بجهاز عالمي هو جهاز اليونسكو، وإن هذا التطور ليطبع بطابعه جميع ميادين الثقافة، وجميع أشكالها المادية، فتنظيم المؤتمرات العلمية، حيث يبسط العلماء من أقطار الأرض آراءهم، يخضع لهذا التنظيم الذي يشمل- بلا جدال - جميع نواحي التطور في القرن العشرين.

وتوحيد المعرفة هكذا وتنظيم المنتجات الصناعية أمارة على الزمن الجديد الذي ترتبط به الإنسانية الآن.

والسنة الجغرافية الطبيعية (١٩٥٧ - ١٩٥٨م) تلك التي تجري ترتيباتها الآن في العالم كله تسجل بكل تأكيد لحظة باهرة في التاريخ الإنساني، وهي لحظة يتكون فيها العمل العلمي ويبدأ في مستوى عالمي. ولقد تخلقت هذه الفكرة في ذهن العالم الطبيعى جوس ( Gauss) الذي فكر في تعاون علمي لتحديد المجال المغناطيسي للأرض من (١٨٣٦ إلى ١٨٤١م) ولقد خطت هذه الفكرة طريقها في العالم كما نرى، إذ بعد ذلك بقليل وجدت السنة القطبية الدولية (١٨٨٣ - ١٨٨٣م) وهي التي سجلت مرحلة في مضي هذه الفكرة نحو غاياتها (العالمية)،

<<  <   >  >>