ما سخر منه النقد الغربي في رسوماته أحياناً. وقد أعاد تيار التغيير نفسه للمقاييس السوفييتية اسم ديستويفسكي ( Dostoievski) ومؤلفاته إلى الأدب السوفييتي، من حيث صادرتها الثورة.
لقد ترجم الماجور كليمنت أتلي هذا التطور إلى توقعه السياسي فرأى أن النظرية الشيوعية ستفقد شيئاً فشيئاً حدتها، لتأخذ في النهاية بطريقة تعايش مرضية ( Modus vivendi)، وهذا التأكيد من زعيم حزب العمال الإنجليزي يجيب عن المشكلة التي نبحثها في هذا الفصل، على الأقل في حقيقتها الغربية، وفي وقعها الخاص على محور القوة.
ونظرية هذا الرجل السياسي تجد ضمناً تأييداً من وجهة نظر الفيلسوف، فلقد رأى هذا- فيما يبدو- أمارات تغيير داخلي في الجهاز النظري الماركسي، لقد رأى ميرلو بونتي ( Marleau Ponty) في مؤلفه (مغامرات المادية الجدلية Les Aventures de la Dialectique) أن الفكرة الشيوعية تنزلق- تحت وطأة تجربتها التاريخية- من قيمة الفكرة إلى قيمة العمل، ولعل هذا (الانزلاق) الذي كان نتيجة الانتقال من اللينينية إلى الستالينية، وهي المرحلة التي سجلت ذروة الانفصال بين الشرق والغرب، لعل هذا الانزلاق يكون السبب البعيد الذي يهيء الطريق للتقارب بين الشيوعية والتفكير الأنجلوسكسوني، في مجال القيم العملية لأنه يوفق بين المذهب والتقاليد البورجوازية.
وهذه الحركة ربما بدأت منذ زمن إذ إننا نجد مراحلها خلال سنين مضت، ولقد سجل مؤتمر فيلوربان ( Villeurbanne) المنعقد في فرنسا عام (١٩٣٥م) - وهو المؤتمر الذي ألف فيه الحزب الشيوعي الجزائري- سجل هذا المؤتمر مرحلة من مراحل نمو الشيوعية في اتجاهها القومي، وهو الاتجاه الذي تأكد وشاع بحل الكومنترن ( Komintern) بعد ست سنوات، وكلما تحددت معالم هذا التطور برزت توقعات لم نكن نتصورها، فمنذ عشر سنوات ونحن نرى أحداثاً تقع لم نكن نفكر فيها.