خاص أدلى به جلالة الملك سعود للصحفي اليهودي الأمريكي الفريد ليلينتال ( Alfred Lilienthall) ، حيث أعلن أن ((الجزيرة العربية قد عاشت خلال قرون مضت على هامش الحضارة والتقدم، وأن أمامها بالتالي طريقاً طويلاً وشاقاً، عليها أن تجتازه .. )).
هذا الإعلان يعطي صورة مصغرة عن الوضع الاجتماعي في العالم الإسلامي الذي تخلص فقط من (انحطاطه) الذي استمر قروناً، والواقع أن هذا العالم، في فترة الحضارة الحالية يمر بحالة يطلق عليها بادرة الحضارة ( pré-civilisation) أي الحالة التي تسبق الحضارة، فأمامه إذن ((طريق طويل وشاق)) ... ومن الواجب عليه أن يجتازه مع جميع الشعوب الأفرسيوية، وذلك بأن يتخلص من القابلية للاستعمار، ومن الاستعمار، وهو واجب عليه حتى يحول بين (تعايش) الدول الكبرى وبين أن يأخذ هذا التعايش اتجاه (استعمار مشترك) بالنسبة إلى البلدان المتخلفة، ولن يتاح لنا أن نحقق هذه التغييرات جميعاً إلا إذا التزمنا بتوجيه الثقافة. فالمشكلة إذن هي مشكلة تثقيف العالم الإسلامي، وهي التي تواجهنا من الزاويتين الاجتماعية والعملية، ولقد سبق أن درسنا الوجوه النظرية لهذه المشكلة، وخصصناها بأحد مؤلفاتنا في الدراسة المنهجية (١)، فلن نعود إلى الحديث عنها هنا.
أما من الوجهة العملية فإن هذه المشكلة تواجهنا في صورة (الإيجابية في الوسط الإسلامي): إيجابية الفرد، وإيجابية المجتمع الذي ينتسب إليه، فما إيجابية الرجل المسلم، والمجتمع المسلم؟ هذا هو السؤال ... والحق أن بعض التجارب العملية في الوسط الإسلامي قد تدفعنا إلى أن نعكس السؤال ليصبح: لماذا كان هذا الوسط سلبياً؟
(١) درس المؤلف مشكلة الثقافة في العالم الإسلامي في كتابه (شروط النهضة ومشكلات الحضارة). وقد صدرت ترجمته العربية بالقاهرة في يوليو ١٩٥٧م. وأعيد طبعه في دار الفكر بدمشق ١٩٧٩م.