للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولكم كانت خيبة الظن سخيفة بحيث انتهت أحياناً بانقلاب إلى جانب العداوة للإسلام، لأن المثل الأعلى قد انهار في أعماق ضمير ما مع الانهيار المفاجئ لقيمة خص بها عالماً سقط من نظره، فالتشخيص شكل رهيب من أشكال مأساة الضمير المسلم.

والشكل الثاني من المأساة ينتج من علاقة المسلم بالإسلام. فهذه العلاقة مزدوجة، إذ هي روحية واجتماعية، فالعلاقة الروحية قوية سليمة لا يمكن مسها باعتبارها يقيناً مطلقاً، والضمير المسلم لا يشعر بأي نوع من القلق الميتافيزيقي. ولكن العلاقة الاجتماعية على العكس من ذلك أفسدتها المشكلات المادية التي تفرضها الحياة على كل مسلم، فهو يعتقد، وهو غير مخطئ، أنه مرتبط بمجموع هو العالم الإسلامي الذي يبدو له أن قدره مطبوع بالإسلام. فتنتج في رأيه علاقة سببية بين قدره الخاص أو حقه في المجتمع ودينه. وينتج عن هذا أخيراً نوع من النفاق في العلاقة الزمنية بين المسلم والإسلام. وإذا لم ينكشف هذا النفاق انكشافاً مفضوحاً بأن يحطم المسلم ارتباطه وينكر عقيدته، فإنه يتجلى في الميدان الفكري خاصة في صورة عجز عن مواجهة مشكلات العالم الإسلامي والتفكير فيها بصراحة وملاءمة، فهو بدلاً من أن يتحدث عن الرمد ( Ophtalmie) عندما ينبغي الحديث عنه، يتحدث عن ((علم الرمد Ophtalmologie)).

وهذه العلاقة المعيبة بين المسلم وأشياء يسمو بها إلى مرتبة المثل الأعلى، لأنه يرى فيها تأثير الفكرة الإسلامية في المجال الاجتماعي، هذه العلاقة المعيبة تخلق لديه نوعاً من الحرمان، ونوعاً من عدم الإخلاص الأدبي الذي يصرف نظره أحياناً عن بعض المشكلات خوفاً من أن يصطدم بمحرم في الدين، ناتجاً في نفسه عن عقدة الحرمان، حين يواجهها صراحة، فهو عندما يعالج مرضاً في المجتمع الإسلامي يشعر كأنه يسيء الظن بالإسلام.

<<  <   >  >>