للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن هنا تنتج السلبية الضارة في الفكر أو النشاط، ولهذا فسيكون على المؤتمر الإسلامي أن يعيد دراسة مشكلة العالم الإسلامي، متناولاً لها من جذورها النفسية والاجتماعية بقدر الإمكان، ولست أدري ما إذا كانوا قد قاموا في العالم الإسلامي بجهد مقصود لدراسة (المرض) في شكله المزدوج: المرضي والعلاجي أم لم يقوموا.

فالحق أن الضمير المسلم يبدو وكأنه شعر (بالمرض) في حالة (نصف نوم) ثم انغمس فوراً في النوم دون أن يدرس الأسباب والوسائل الفعالة لمكافحته، فالمريض المسلم يجر معه مرضه، وهو يحقق هكذا أعجوبة حيث يشرع في (نهضة) دون أن يتحرر منهجياً من العوامل التي فرضت انحطاطه خلال القرون الأخيرة.

وعليه فالمرض ليس في طريقه إلى أن يزول أو ينصرف في السنوات القادمة، بل على العكس. فإذا بدا أن مداه بدأ يتناقص، في حدود البيئة الإسلامية، فإنه يتعاظم في النطاق العالمي، أي مع ظهور فكرة العالمية. وإذا كان المسلم يرى في بعض الظروف أنه مطمئن إلى تطوره القومي، أي بالنسبة إلى مقاييس محلية، فلن يكون مطمئناً مطلقاً إذا ما نظر إلى نفسه بالنسبة إلى التطور الدولي، فإن حياة العالم تفوته كل يوم أكثر من سابقه، والشعوب التي وضعت خطة بقائها تظل دائماً في المقدمة بفضل تخطيطها، وهنا يوجد المسلم مرة واحدة أمام المشكلة النفسية والصناعية، فتقدم الآخرين يصوغ في ضميره مأساة تأخره، ولكن هذه المأساة تتطلب حلاً، وهي تكون القانون النفسي الذي سيحكم أكثر فأكثر تطور العالم الإسلامي في السنوات القادمة. وهذا الحل الضروري لا يمكن أن يكون إلا نوعاً من (الثورة) التي تتيح للمسلم أن يتدارك تأخره عن بقية الناس.

وعليه فمن الممكن أن تقوم فيه (ثورة) عن طريق نفسه، أي من تخطيط يوفر للضمير الإسلامي ضمانات هو بحاجة إليها، أو أن تأتي هذه الثورة من الخارج حين يعجز عن القيام بها، والقيام بثورة في الاتجاه الإسلامي معناه تطبيق (فنية

<<  <   >  >>