لا يحتوي إلا على اهتمام ذي طابع سياسي، ولكنا نرى فيه مظهراً أخلاقياً ناتجاً عن شعور معين بالإثم (التأثم) وعن تهويل باطني بسبب المشكلة، فلقد بدأ الضمير الأوروبي يشعر بعظم الخطيئة الاستعمارية. ولكن هذا المظهر الأخلاقي قد يحدث في صورة متعارضة صالحة لأن تعطل حل الأزمة الراهنة أو تعرضه للمخاطر. فقد يضيف إلى عنصر (القوة) - الذي حللنا آثاره في الأزمة- عاملاً أخلاقياً من الحرمان، في صورة شعور بالإثم المكبوت، وهذا الكبت قد يصبح مبعث خطر بالنسبة إلى الضمير الأوروبي، إذ ربما يؤثر فيه كدافع إلى حلول القوة.
وتحت هذا العنوان يرى الكاتب المشهور جورج دوهاميل ( Georges Duhamel) في مقال نشر بباريس في صحيفة (الفيجارو Figaro عدد ٢٣ - ١٢ - ١٩٥٥م) أن الأوروبيين لا يبدو أنهم يدركون أن الجنس الذي ينتسبون إليه قد ارتكب منذ قرون كثيراً من الخطايا والأخطاء، بل حتى كثيراً من الجرائم، وأنه في طريقه لا إلى أن يفقد سلطانه فحسب ... بل أن يفقد التوازن والأمن الضروري كيما يمارس عبقريته ..
فنحن نرى في هذه الكلمات الشعور بالإثم يختلط لدى الكاتب الكبير بالشعور (بالخطر) الذي عرفنا له سوابق خطيرة منذ عهد ليس ببعيد حين تحدثوا عن (الخطر الأصفر) أو عن (الخطر الإسلامي).
ولقد ينتج عن هذا الاختلاط انعكاس يتخذ صورة الدفاع عن النفس ( Auto-Défence) بحيث يزيد في تعقيد وضع معقد، بل إن من المحتمل كثيراً أن يكون رد الفعل الاستعماري- الذي يعيث في العالم تخريباً منذ عشر سنوات- ناتجاً عن مثل هذا الانعكاس على الأقل في بعض نواحيه خاصة في شمال إفريقية حيث يعرف الاستعمار جيداً كيف يثيره ويستغله دفاعاً عن قضية خاسرة.
ونحن ندرك على الأخص ما نتج عن هذا الانعكاس في الجزائر، منذ أن أسلم شعب أعزل للذبح والتقتيل، ذلك لأن الحكومة الفرنسية تحاول أن تثير دائماً