للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

غريزة الدفاع عن النفس في الضمير الفرنسي، حين تقذف في أتون المعركة بشعار (الأمة في خطر).

وأياً ما كان الأمر، فإن الضمير الأوروبي يواجه مشكلة تخلع على الأزمة العالمية مظهراً جديداً، وما كان لنا أن نتخيل لحلها طريقة قد تخلف في المجال الأخلاقي عناصر من شأنها أن تبعث الاضطراب في الحلول التي ندعي الإتيان بها للمشكلات في صبغتها السياسية. فالأزمة تتخذ بهذا مظهر مأساة مورينيه (١)، مأساة اجتماعية ترفع مشكلة العلاقات الإنسانية إلى مستوى عالمي. فلكي نحل هذه المشكلة يجب أن نقضي على ذهان التأثم، وذهان القوة، اللذين تقترن آثارهما في الضمير الأوروبي، وانعكاس الدفاع عن النفس هو ثمرة هذا التأثير.

أما المشكلة في صورتها العملية فإنها تعني مساعدة الأوروبي على التغلب على أزمة ضميره. ولقد صاغها غاندي في هذه الكلمات، في مؤتمر العلاقات الآسيوي عام (١٩٤٦م). حين وجه إلى المندوبين قوله: ((إذا كنتم تريدون تبليغ رسالة إلى الغرب، فيجب أن تكون رسالة الحب والحقيقة ... وسيحظى هذا الغزو برضا الغرب نفسه الذي يتعطش اليوم إلى الحكمة)).

إن هذه الرسالة لتتمثل في عدد من الضرورات الكبرى لعصر يواجه بصورة محزنة مشكلة الخلاص الإنساني ... لقد فوتت أمريكا عام (١٩٤٥ م) اللحظة التاريخية التي كانت تستطيع فيها أن تساعد العالم على اجتياز عقباته الأخلاقية والمادية، كيما يدخل في مرحلة جديدة. وها هي ذي الساعة تؤذن من جديد، ولكنها هذه المرة على محور (عدم العنف)، وإن فكرة الأفرسيوية لقادرة على أن تساعد العالم ليتغلب على (ذهانه) المزدوج، ولاشك في أن هذا مظهر جوهري لرسالتها العالمية، وفصل رئيسي في مهمتها التاريخية، وسيكون على الرجل الأفرسيوي في هذا الفصل من التاريخ أن يقدم للإنسانية ضميره لا علمه، فهو


(١) مورينو ( Moreno) عالم نفسي أمريكى مشهور يخالف مدرسة فرويد.

<<  <   >  >>