للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فإن عبقريتها الشريرة هي التي تتكلم، وهي التي تتكلم أيضاً حين يقف بعض الأوروبيين يتحسرون على أنهم لعبوا دور (تلميذ الساحر) أمام أعجوبة النهضة التي حققتها الشعوب التي حطمت قيود الاستعمار. ولكن تحت شعار الصليب أو الفكر الحر تظفر القوة الخلاقة المغيرة للواقع الأوروبي بنفوذ واعتبار في العالم الراهن، الذي يدين لها أولاً بوعيه العالمي. فأوروبا الآن يجب أن تندمج فيما صنعت، أي في ذلك الوعي الذي خلقته حضارتها. فلقد حققت انتقالاً وتحوّلاً في الكون الذي حققت فيه حضارتها منذ قرنين من الزمان، وعليها أن تكمل عملها في كونها الداخلي بإتمامها لتحولها الخاص بها. ولا شك في أن إتمامها عملها إنما هو من اختصاص عبقريتها الخيرة التي تتيح لها أن تجد في أعماق ضميرها مع الفكرة الكاملة عن الإنسان معنى فلسفة إنسانية تناسب العهد العالمي.

ومهمة فكرة الأفرسيوية في هذا النطاق تنحصر في مساعدة إنسان الغرب على بلوغ هذا الحجم الذي وهبه علمه القدرة عليه، ولكنه لم يهب له بعد الشعور به، وستظل أوروبا تصنع التاريخ وتعطي مثال الخير ومثال الشر، حسبما يكون المتحدث بلسانها ضميرها الخيّر أو ضميرها الشرير، فإن لاختيارها أهمية عالمية سواء كان خيراً أم شراً، وسيكون دور فكرة الأفرسيوية هو مساعدة أوروبا على أن تحسن اختيارها في اطمئنان لإكمال عملها في عالم ضميرها، وبهذا تكون الأفرسيوية قد أتمت عملها أيضاً لأنها تكون قد سمت بإنسان الغرب إلى المستوى الأخلاقي للإنسانية، محققة بذلك تركيب (الرجل العالمي).

دروكس في ٣ فبراير ١٩٥٦م

***

<<  <   >  >>