للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تسيطر على العقول المهتمة بالسلام والتوافق في العالم، لأنها متأثرة ببعض الأوهام، وبعض الآمال.

فبدأ الضمير الإنساني يتصل من جديد بالواقع المرير، ويأخذ هذا الواقع أولاً اسم، الحرب الباردة. حرب باردة تظهر فيها فجأة ارتفاعات في درجات الحرارة. فهنا وهناك مناطق ساخنة في كوريا، وفي الهند الصينية مثلاً.

ثم إذا بهذه الحرب قد حددت مفهومها ونظريتها، ففي ١٢ مارس (١٩٤٧م) نادى ترومان بنظرية الحد من التسرب الشيوعي ( Containment)، أي إنه يجب إيقاف انتشار الشيوعية، وبعد ثلاثة أشهر نادى مارشال بمشروعه المعروف الذي يرسي القاعدة الاقتصادية لنظرية (حد الشيوعية)، مكملاً في الوقت نفسه نظرية ترومان بنظرية كبح جماح الشيوعية ( Roll Back) إذ يجب الضغط على الشيوعية حتى ترجع إلى حدودها.

ولقد أثارت هذه المحاولات رد فعل في روسيا السوفيتية التي أعلنت في ٢٨ يونية (١٩٤٨م) فرض حصارها على برلين.

وبهذا تستفحل الحرب الباردة مقتربة من ذروتها التي ستبلغها عما قريب في كوريا، محولة في طريقها عالم الكبار إلى ورشة عسكرية، تجهز فيها الحرب العالمية الثالثة.

ومضت السياسة الدولية في هذه الحقبة تتلقى وحيها وأوامرها من هيئات أركان الحرب، فأصبحت اهتماماً استراتيجياً خالصا.

وحيث قد قام الاعتبار الاستراتيجي في الموقف الجديد على الغريزة الاستعمارية القديمة، التي لم تستأصلها الحرب العالمية الثانية، فقد نتج عن ذلك صورة جديدة للعلاقات بين العالم المتحضر والشعوب الأفرسيوية، وهذه العلاقات مطبوعة من ناحية العالم المتحضر بطابع استعمار جديد. يمكن تسميته لما يحمل من وصف خاص، باسم: (الاستعمار المشترك). فهو مفهوم سياسي من

<<  <   >  >>