نوع معاهدة الدفاع الأوروبي ( C.E.D) والهيئة الاقتصادية لأوروبا الغربية ( O.E.C.E) ولكن خارج النطاق الأوروبي، أعني نوعاً من التشارك في ميدان الاستعمار مطابقاً لضرورات الوضع الاستراتيجي.
فـ (استراتيجية التطويق) هي صياغة لهذه الفكرة في ألفاظ عسكرية، والقواعد العسكرية في نطاق حلف الأطلنطي، وحلف مانيلا وحلف بغداد هي مظاهره المختلفة، وصيغه المحلية.
لقد غيرت الحرب الصناعات، ولكنها لم تعدل نفسية العالم المتحضر تعديلاً عميقاً، فلقد طفر العلم، بينما جرى الضمير في مكانه، ووضعت المشكلات دائماً في ألفاظ القوة، وجعلت القنابل الذرية والهيدروجينية والصواريخ الموجهة في رأس قائمة عوامل السلام، وأصبحت (مراكز القوة) الحجة العليا للدبلوماسية الدولية.
ومع ذلك فإن تياراً جديداً يتداول في العالم، تياراً لم يصل بعد إلى منطقة الضغط العالمي للحرب الباردة، لكن نسمته بدأت تنال من هذه الثلوج المترسبة، فحتى الآن لم تجد (إرادة القوة) متكلماً آخر في العالم غير قوات من طبيعتها، ومن نوعها. فقد أيقظ الاستعمار الأمريكي مثلاً اليابان عام (١٨٦٨م) نافخاً فيها من روحه روح القوة، وكانت كارتة- بيرل هاربر- التي حدثت في ديسمبر (١٩٤١م) الإجابة على تلك المحاولة، وبذلك كانت الإجابة من طبيعة التحدي والاستفزاز نفسها. ولكن بعد هذا النصر الباهر، سحقت اليابان الوسائل نفسها، فإن ((من سل سيف البغي قتل به)) كما قال الإنجيل. وكان هذا على كل حال هو الحوار الذي يدور بين أصمين، بينما كان حوار آخر يقدم إلى ضمير القرن العشرين مثالاً، هو والمثال الأول على طرفي نقيض، فلم يعارض غاندي الاستعمار الانجليزي بقوة من النوع نفسه، بل بقوة جديدة هي قوة (عدم العنف). وبهذه القوة لم يحرر (المهاتما) الهند فحسب، بل إنه قد أقر قانوناً سياسياً قائما على قيم أخلاقية جدد لها قيمتها المنتقصة بسبب حضارة منحت