للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وجملة القول أن القانون الانتخابي في نظر هذا الوزير لا يكون صحيحاً إلا على الأراضي الفرنسية الأصلية، فهذا إذن قانون جذبي. ومن هذا القبيل، القوانين التي تحمي المواطن الأمريكي من تصرفات اتحاد شركات البترول ( Lois anti-trusts) إنها قوانين جذبية، وقد انكشف هذا على الأقل في مشكلة البترول الإيراني.

والواقع أنه منذ عام (١٩٥٢م) وضعت لجنة هي لجنة (ميردال) تقريراً عن نشاط الترست ( Trusts) البترولي، ولكن علاوة على أن سكرتارية الأمم المتحدة قد حولته إلى ((وثيقة سرية)) لا تنشر، وذلك بناء على طلب من واشنطن، فإن الحكومة الأمريكية، لم تمنحه أي أثر يتفق مع القوانين المضادة للترست، ويجب أن نفهم من هذا أن البترول يعد في نظر واشنطن ((محصولاً استعمارياً)) تخضع سوقه لتشريعات سرية تنظم علاقاته بطريقة خاصة مع البلاد المستعمرة المنتجة، تشبه علاقات اتحاد شركات الفواكه ( United Fruit) مع جمهوريات الموز (١).

فالمشكلة إذن يجب أن يفصل فيها، لا طبقاً لقوانين، بل لمصالح محددة، هي مصالح الحلف الاستعماري المشترك. ونحن نعرف ماذا تكبدت إيران حيث تجاوزت القضية مجرد التوقعات الاقتصادية لكي تأخذ هيئة تصفية سياسية حقيقية، صفَّت أولاً بطلي التأميم، مصدق وفاطمي، ثم طهرت الجيش وصفوة الزعماء لكي تجعل حياة البلاد كلها في خدمة (استراتيجية التطويق) المتمثلة في حلف بغداد، وإن الاهتمام بهذه التصفية ليتجلى في اعترافات بعض الضباط المحكومِ عليهم بالإعدام خاصة، فلقد اعترف أحدهم بأن قائده- الذي كان محكوماً عليه أيضاً- قد أعاره كتابين يحمالان العنوانين ((الاقتصاد السياسي)) و ((اللإنسان والمجتمع)) وتلك لعمري جريمة لا تغتفر. وهكذا نفهم الأسباب


(١) جمهوريات في أمريكا الوسطى تتعامل تجارياً مع اتحاد شركات الفواكه، وقد أطلق عليها هذا الاسم في معرض التفكه والمناقشة في أثناء الظروف التي وقعت لجمهورية جواتيمالا منذ أربع سنوات.

<<  <   >  >>