فهل فكر هذا المحرر لحظة واحدة في أن الشركات البترولية هي التي أسقطت نظام مصدق الديمقراطي، وسلبت الشعب الإيراني الوسائل التي يحقق بها استثماراً منتجاً؛ وربما استطاع رئيس الحكومة السورية السابق- الذي عرضنا فيما سبق رأيه عن إمكان تخطيط اقتصاد البلاد العربية- أن يوضح لنا هذا الموقف. ولكن هل كان محررنا بحاجة إلى ضوء خاص على هذا الموضوع؛
أياً ما كان الأمر، فإن مشكلة البترول قد فصل فيها في نطاق الحرب الباردة، تبعاً لأوامر استراتيجية التطويق، في الظروف نفسها، والعقلية نفسها التي حلت المشكلة الفلسطينية قبلها.
فدولة إسرائيل ليست في الواقع سوى رأس جسر أقيم بعناية في قلب العالم العربي، واحتله جيش مكون من أربع مئة ألف رجل مجهزين بوساطة القوى الغربية، ومتخفين بمهارة تحت لواء الصهيونية بالطريقة نفسها التي تستخدمها بعض شركات الملاحة، حين ترفع على سفنها أعلام دول أمريكا الوسطى، لأسباب مختلفة.
فالاستعمار المشترك يحب إخفاء اسمه ووجهه بطريقة أو بأخرى، فهو استعمار سري، ولكي يستكمل تخفيه فإنه يستخدم دعاية واعية ماهرة يوهم بها العالم (بعداوته للاستعمار)، وكلما كان موضوع الحديث في الأمم المتحدة يدور حول المشكلة الاستعمارية، وجدنا أن أصوات الدول الغربية الكبرى تذهب في الاتجاه نفسه)) ((أي لصالح الاستعمار)). ولكن تقارير الصحافة لا تفتأ تتحدث عن هذه العداوة للاستعمار، وهي عداوة من نوع نبيل يخدم دبلوماسية الولايات المتحدة، مثلاً. وهناك في الواقع بعد شاسع بين المثالية الديماقراطية لتلك الدولة، والقرارات التي تتخذها في السياسة غير الأوروبية.
وعلاوة على ذلك، فإن عداوتها للاستعمار المعلنة على حائط السياسة الدولية تضطرب بسرعة عندما تختبر أمام كفاح الشعوب الأفرسيوية العادي