للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

Murphy) في رسالة إلى مستجوبه قائلاً: ((إن هدف جميع الحكومات أعضاء الحلف هي أن تواجه فعلاً الاضطرابات الخطيرة في المناطق الخاضعة لحكمها ... )).

والذي نفهمه من هذا، بحكم منطق الأشياء، وفي ضوء الأحداث الأليمة الراهنة، هو أن إفريقية الشمالية خاضعة لتشريع قمع واضطهاد يصدق عليه حلف شمالي الأطلنطي، وفي هذا الشكل يظهر الاستعمار المشترك في قمة نشاطه، وحرارة اندفاعه، وفي جوهره النفسي أي في (الروحية الاستعمارية الخالصة) كما يظهر في مدلوله الاستراتيجي الناتج عن الحرب الباردة. فهو انعكاس لحالة التوتر التي تسود محور واشنطن - موسكو على محور طنجة - جاكرتا.

وفي شكل هذه التبعية الجديدة بين المحورين تتمثل صورة متطورة للاستعمار، ولكن هذه التبعية لا تنفي ارتباطاً مشتركاً معيناً يظهر في الفعل ورد الفعل المتبادل، والذي سجل اطراده المتطور العالمي الذي انتهى من ناحية إلى باندونج، ومن أخرى إلى جنيف.

ولقد كان للمؤتمرين بمشاكلهما وظروفهما ونتائجهما الخاصة في الجو العالمي تشابك جوهري في نطاق هذا الارتباط المشترك، وهو الحقيقة الجديدة الكبرى، والسمة الخاصة بالعصر الحاضر، سمة التلاقي الممكن بين التطورات الراهنة.

أما في العاجل، فإن نتائجهما المفاجئة لا تتوافق، ويبدو أنها متعارضة. فقبل باندونج، لم تكن الدراسات المخصصة قليلاً أو كثيراً للعلاقات بين الشعوب الأفرسيوية ودول الكتلتين لم تكن ترى هذه العلاقات إلا في نطاق الحالة العالمية التي تسيطر عليها واقع الحرب الباردة، وعليه فلم يكن أحد ليرى تطور هذه الشعوب إلا في هذا النطاق، فهي لم تكن لها إرادة أو اختيار يمكن تصورهما خارج الكتلتين المتنازعتين، كأن الوضع لا يفرض عليها سوى الاختيار بين الشيوعية والرأسمالية.

<<  <   >  >>