للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وستكون إحدى نتائج الفكرة الأفرسيوية في النطاق العالمي هي التغيير المستمر لهذا التخطيط الخاص بالعصر الاستعماري إلى وضع آخر، قد تتغير فيه طبيعة العلاقات من أساسها. إذ من الممكن أن تحل محل قوات التنافر والطرد الحالية قوات جذب، كلما سكن دوي الأحداث، وانقضى زمن الأحقاد.

ومن التوقع أن تخلق الفكرة الأفرسيوية من نفسها علاقات جديدة حتى لا تكون نتيجتها في المجال العالمي- فيما وراء المظاهر الحالية- انفصالاً بين المحورين، بل على طول الزمن (اتصالاً) وثيقاً بينهما. أي بين الأجناس التي فرَّق بينها الاستعمار خالق التفرقة العنصرية.

ومن حيث كونها جهداً للتحرر والتنظيم، فمن اللازم أن تتيح هذه الفكرة للشعوب الأفرسيوية أن تجتاز بعد مرحلة الفوضى الثورية، كي تتصل اتصالاً أكثر صلاحاً مع المجموعات الإنسانية المتطورة على المحور الآخر.

وبالفعل، فإن بعض المراقبين الغربيين الذين خصصوا ملاحظاتهم عن الروابط بين آسيا وأوروبا يرون أن ثقافة أوروبا، وحضارتها تتغلغلان أكثر في البلاد الآسيوية ((بقدر ما تتحرر آسيا من قيود الاستعمار)).

والحق أن هذه الملاحظة صادقة، ليس فقط بالنسبة إلى القارتين الأوروبية والآسيوية- بل بالنسبة إلى المحورين، فكل تغيير اجتماعي في حياة الشعوب الأفرسيوية له نتيجة نفسية في المحور الآخر، وأثر في التقريب بينهما.

وسنحلل فيما بعد بصورة أكثر تفصيلاً هذا الشكل، مبينين الدور غير المباشر الذي تؤديه أوروبا في هذا التقريب الهادف إلى توحيد العالم.

على أية حال فإننا نرى أن الفكره الآفرسيوية تقدم للعالم رسالة اتحاد وأخوة.

أما في العاجل، فإن مؤتمر باندونج يبدو في مظهر مزدوج؛ حسب نظرنا إليه بالنسبة إلى فكرة (القوة) أو فكرة (البقاء) وهو يمثل بالنسبة إلى الرجل

<<  <   >  >>