المأخذ الثاني: مأخذ شرعي قويم، ألا وهو: أن المرأة التي تسير مع المرأة المتبرجة، تعرف أن هذه المرأة المتبرجة قد فعلت أمراً محرماً، فهي على منكر، فوجب على المنتقبة أن تنكر هذا الأمر المنكر على المتبرجة، وإن سارت معها فنقول: إنها رضيت بهذا المنكر، فهي كالمرتكبة لهذا المنكر؛ لأنها رضيت بالتبرج وبالمعصية.
فإذا قالت: لا والله ما رضيت بهذه المعصية، قلنا لها: كذب فعلك قولك؛ لأن الله جل في علاه قال:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[الأنعام:٦٨]، وقال الله تعالى:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}[النساء:١٤٠]، فأصبحت المثلية بالرضا بالمنكر، ولذلك استنبط العلماء قاعدة مهمة جداً: الرضا بالمنكر كمرتكبه، فإن لم تستطع هذه المرأة أن تنكر على المتبرجة بلسانها فلا بد أن تنكر بالقلب، وعلامة القلب أن تزول من المكان الذي فيه هذه المعصية.
فهذا مأخذ وثلمة في ديانة المرأة المنتقبة التي تسير في الطرقات مع المرأة المتبرجة.