المسألة الثالثة: إذا تم الأمر، ووقع النكاح فماذا نفعل؟ إذا هربت العاشقة مع العشيق وتزوجها حتى لا يزنيا فما الحكم؟ نقول: أولاً: هذا النكاح باطل مفسوخ، فلابد أن يفرق بينهما فترجع إلى أهلها، ولا عبرة بهذا العقد.
ثانياً: لها مهر المثل بما استحل من فرجها، يعني: ينظر في عائلتها: فأختها مثلاً كم مهرها؟ أو ابنة عمتها أو عمها كم مهرها؟ فلها مهر مثيلتها في أسرتها، بما استحل من فرجها، كل ذلك على القول: بأن هذا ليس بزنا حقيقة ولكن حكماً، فلا يجلد؛ لوجود شبهة وفي الحديث:(ادرءوا الحدود بالشبهات)، والشبهة: أنها فتوى لعالم جليل معتبر في الأمة وهو الإمام أبي حنيفة، فنقول: يبقى لها مهر المثل.
ثالثاً: يكون عليها عدة، يعني: إن كان لا يستغني عنها وأبوها رضي به زوجاً فتبقى في عدتها، فهذا الراجح خلافاً لجمهور أهل العلم، فإنهم لا يرون عليها عدة في ذلك؛ لأن الماء واحد، والصحيح: أن عليها عدة تعتدها.
وعدتها على أحوال كالآتي.
الحالة الأولى: إذا جامعها فحملت، فعدتها حتى تضع حملها، فينتظرها حتى تضع الحمل، وبعدما تضع يتقدم لأبيها ويطلب يدها ويعطي مهراً جديداً ويأتي الولي والشهود ويتزوجها ويستلحق الولد.
ولا يجوز أن يتزوجها أو يعقد عليها وهي حامل؛ لأن لها عدة فلا بد أن تنهي عدتها، خلافاً للجمهور.
الحالة الثانية: إذا كانت ليست بحامل، فجامعها وفض غشاء البكارة ولم تحمل، فقد اختلف العلماء في ذلك: فقال جمهورهم: تعتد عدة كاملة بثلاث حيض، والقول الثاني: وهو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وهو من القوة بمكان وهو أن تعتد بحيضة؛ لأن الأصل براءة الرحم.
فتعتد بحيضة واحدة، وهذا القول مخالف لجمهور أهل العلم؛ لأن الجمهور -كما قدمنا- يرون أنه إن أراد الزاني أن يتزوجها فلا عدة عليها، طالما الماء واحد، والصحيح: أنه لا بد من العدة.
نخلص في هذه المسائل: أولاً: أن المرأة لا يصح أن تزوج نفسها، ولو زوجت نفسها فهي زانية، والصحيح: أن عقدها باطل، ويفرق بينهما ولها مهر المثل، فإن كانت حاملاً ينتظر هذا الذي تزوجها بغير ولي حتى تلد، فتكون هذه هي العدة، ثم يتقدم لها بمهر جديد، وعقد جديد، مع ولي وشهود.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وجزاكم الله خيراً.