أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فقد كانت النساء في الرعيل الأول، هنّ اللاتي أخرجن الصناديد، بل وأساطين أهل العلم من المجاهدين والعلماء والمبرزين.
فهذه أم الشافعي هي التي أخرجت لنا الشافعي، وسعت عليه، وكان يتيماً.
وسفيان الثوري جبل الحفظ، وأمير المؤمنين في الحديث، كانت أمه تقول له: تعلم علم الحديث، وأنا أغزل لك حتى تطلبه فكانت تغزل وتنفق على ابنها حتى بلغ سفيان الثوري ما بلغ، واليوم ما من بيت من بيوت الدنيا يتعلم فيه علم الحديث إلا وللثوري عليه منة، ودائماً يقال: سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث.
وأيضاً الإمام مالك إمام دار الهجرة، هذا الإمام الفحل الجبل، الذي درس على يديه الشافعي إمام الدنيا، كانت أمه تعممه، وتقول له: اذهب إلى مجلس ربيعة، فتعلم منه الأدب، قبل أن تتعلم منه العلم.