[أقوال العلماء في سفر المرأة بدون محرم]
هذه المسألة مسألة عظيمة جداً، ترددت فيها أربعة أحاديث، هي التي أنشأت خلاف الفقهاء.
الحديث الأول: حديث في الصحيح وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم) فهنا أناط النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بالسفر مع المحرم.
الحديث الثاني: قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم -وهو الذي يحتج به الأحناف-: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ثلاثة أيام بلياليهن إلا مع ذي محرم).
وعندنا حديث يرد على من يخالفنا، وهو حديث متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم).
وهذا الحديث مطلق وليس بمقيد.
والحديث الرابع: هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لتمرن الظعينة) والظعينة: المرأة التي على الهودج، (من حضرموت إلى مكة) يعني: تطوف بالبيت.
(لتطوفن بالبيت لا تخش إلا الله والذئب على الغنم).
فعندنا الآن أربعة أحاديث تتكلم عن سفر المرأة بدون محرم، نظر إليها العلماء نظرات ممحصة فاختلفت الأقوال كالآتي: القول الأول: يحرم على المرأة تحريماً باتاً أن تسافر مع غير ذي محرم على العموم في مسافة القصر.
ومسافة القصر: هي أربعة برد على الراجح الصحيح، والأربعة برد تساوي: ثمانين كيلو، أو واحداً وثمانين كيلو، أو بضعاً وسبعين كيلو، ولنجعلها تجوزاً ثمانين كيلو، وقولي على العموم أي: يحرم على المرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة بدون محرم، سواء كان السفر بالطائرة، أو بالسيارة، أو بالجمل أو بالبعير أو بغير ذلك، وسواء سافرت للحج أو للدراسة، أو للطب أو للجراحة أو غير ذلك، وهذا قول الجمهور.
القول الثاني: يصح سفر المرأة مع صحبة آمنة في الحج دون غيره، وهذا قول المالكية والشافعية.
القول الثالث: إذا سافرت سفراً طويلاً أو قصيراً ولم يبلغ يوماً وليلة مع غير ذي محرم جاز، بمعنى: لو سافرت إلى باريس -والمسافة إلى باريس سبع ساعات بالطائرة- فلها أن تسافر وحدها؛ لأن المحرم سفر يوم وليلة بنص الحديث، وهذا قول نسبوه لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو ما يرجحه الشيخ ابن جبرين.
القول الرابع: مدار سفر المرأة على الأمان وهذا الذي رجحه القرضاوي، فإن أمنت على نفسها بالسفر إلى لندن صح أن تسافر، وهذا قال به أيضاً ابن كج من الشافعية.