للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاختلاط]

هناك أمور مهمة بالنسبة للنساء، لابد لها من معرفتها: أولاً: منع الشرع النساء من الاختلاط، والاختلاط هو الذي به تفسد الأمة، وبه ينتشر الفساد، وتنتشر الرذيلة وترفع الفضيلة، ولذلك المستشرقون ما أرادوا الفساد للأمة إلا بالاختلاط، وجعلوا لنا مثلاً في الروضة، إذ لا بد للطفل الصغير أن يأتي بباقة ورد وزهور ويقدمها للطفلة الصغيرة، ويقبل الصغير الصغيرة، أو تجد صورة عريضة جداً في مكان محترم فيها طفل صغير يقبل طفلة صغيرة، وإذا أنكرت ذلك قيل لك: هذا غير مكلف وليس فيها شيء، ففتح الباب لمسألة الاختلاط، ثم بعد ذلك المدارس المختلطة، ثم الجامعات، بل هناك اقتراحات بضرورة الاختلاط؛ حتى لا يكبر الصغير وهو جاهل بكيفية الجماع، أو مجانسة المرأة، وكأن الإنسان إذا كان على ذلك سيصعد إلى مرحلة الجامعة أو الكلية وقد أصبح فحلاً، رجلاً، عظيماً، مفكراً، مدركاً لما هو أمامه، وليس الأمر كذلك، بل إنه أفسد ما يكون في الجامعات، فترى البنت تخرج حبلى وهم يقولون لها: ليس بحرام، بناء على الزواج العرفي المشتهر الآن، فأكثر الجامعات فيها هذا الفساد.

وترى الأفسد من ذلك أن الطالبة تكون جالسة مع الطالب في الكرسي نفسه، ووالله! لو كان بينه وبينها مسافة لمات هو قبل أن تموت هي، وتراه يتحرك وتتحرك، وتمس اليد اليد، والبشرة والبشرة، فالاختلاط هو الذي يضيع الأمة بحق؛ لأنه الذي ينشر الرذيلة ويجعل في القلب الزنا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كتب على ابن آدم حظه من الزنا مدرك ذلك لا محالة.

والقلب يزني وزناه الهوى) أي: يعشق ويرغب في الزنا، فترى قلب الطالب يتحدث بذلك، وقلب الطالبة يتحدث بذلك، ثم يقع المحذور، ولذلك جاء الشرع بالمنع البات من مسألة الاختلاط، وألوان منع الاختلاط جاءت في أكثر من آية وحديث، ونبدأ أولاً بالكتاب ثم بالسنة.

أما الكتاب فقال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب:٥٣] وهنا يبين لنا خطاً عريضاً لمسألة الاختلاط، وأيضاً عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالرجال والنساء فكانت النساء يتأخرن والرجال يتقدمون، قالت أم سلمة: فكان الرجال بأمر رسول الله ينتظرون خروج النساء، فكن يخرجن أولاً ثم بعد ذلك يخرج الرجال؛ منعاً للاختلاط، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا أصافح النساء) وذلك لما جئن ليبايعنه، ووجه الدلالة من هذا الحديث أن في ذلك ذريعة؛ لأن المصافحة لا تكون إلا بعد المخالطة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما قال ذلك منع الباب الأصلي ومنع الوسائل، والقاعدة عند العلماء هي: الوسائل لها أحكام المقاصد.

<<  <  ج: ص:  >  >>