الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- وبعد، فإن للقراءات القرآنية شأنا في علوم العربية، فقد أثمرت تراثا غنيا، تأتي في مقدمته كتب الاحتجاج، وهي تعنى ببيان وجه كل قارئ فيما اختاره من قراءة، وأكثر هذه الوجوه لغوية، فكانت مجلى نظرات بارعة في درس العربية من جوانبها كافة: الصوتية، والصرفية، والنحوية، والدلالية.
على أن اختلاف القراءات القرآنية، وهو أدائي في غالب الأمر «١»، جعل للجوانب الصوتية الكفّة الراجحة في تلك الكتب.
- ويأتي هذا البحث ليسهم مع بحوث أخرى قدّمت في التأريخ للدراسات الصوتية في تراثنا العربي، فقد تعددت فيه ضروب الكتب التي عنيت بالجوانب الصوتية، من مثل كتب: النحو، والصرف، واللغة، والبلاغة، والقراءات، والتجويد، والطب، والموسيقا.
وتتبوّأ كتب الاحتجاج منزلة سامقة بين هذه الضروب، ولها طابع فريد يجعل منها اتجاها واضح المعالم والقسمات. فحقّ لها أن تحظى- كما حظي قرناؤها من قبل- بدراسة تستخرج ما حفلت به، وتعيد فيه النظر على ضوء ما جدّ من علم الأصوات، وهي الغاية التي يصدر عنها هذا البحث.
(١) كنت وضعت قبل الشروع في هذا البحث تصنيفا لاختلاف القراءات القرآنية صحيحها وضعيفها، لم أشأ أن أضمّه إلى الكتاب لئلا يثقل بكثرة الملحقات.