من صرّح بهذا، كابن أبي مريم حين قال:«ولم أعد في جلّ ما ذكرته أو كلّه قول أبي علي الفارسي رحمه الله، مما أودعه الحجة وغيرها من كتبه، ولم أعدل عن طريقه ومذهبه.»«١»
حتى إن ابن جني، وهو من هو في علم العربية، أكاد أزعم أنه لم يزد على شيخه أكثر من نقاء الديباجة وإشراق التعبير.
ثالثا- السمات:
[١ - غلبة الجوانب التشكيلية على الجوانب النطقية:]
- إن موضوع كتب الاحتجاج، وهو اختلاف القراءات القرآنية، جعل عنايتها بالجوانب التشكيلية أكثر من عنايتها بالجوانب النطقية، على خلاف كتب التجويد، بل إن الجوانب النطقية فيها إنما كان يؤتى بها لفهم الجوانب التشكيلية.
وقد اتخذت الجوانب النطقية في كتب الاحتجاج شكلين:
الأول: فصول صدّرت بها بعض كتب الاحتجاج كالكشف وشرح الهداية والموضح.
والآخر: شذرات كانت تعرض في بعض كتب الاحتجاج، نحو قوله تعالى:
وَالصَّافَّاتِ صَفًّا [الصافات ١]، قرأ أبو عمرو وحمزة ويعقوب:(والصافات صّفّا) بإدغام التاء في الصاد، قال أبو علي: «إدغام التاء في الصاد حسن لمقاربة الحرفين؛ ألا ترى أنهما من طرف اللسان وأصول الثنايا، ويجتمعان في الهمس، والمدغم فيه يزيد على المدغم بخلّتين هما: الإطباق، والصفير؟
وحسن أن يدغم الأنقص في الأزيد، ولا يجوز أن يدغم الأزيد صوتا في الأنقص؛ ألا ترى أن الطاء والدال والتاء، والظاء والذال والثاء: يدغمن في