للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن جني في قراءة من قرأ: عتّى حين [يوسف ٣٥] بإبدال الحاء من (حتّى) عينا:

«العرب تبدل أحد هذين الحرفين من صاحبه لتقاربهما في المخرج، كقولهم: بحثر ما في القبور [العاديات ٩] «١»، أي: بعثر؛ وضبعت الخيل، أي: ضبحت؛ وهو يحنظي ويعنظي: إذا جاء بالكلام الفاحش. فعلى هذا يكون (عتى) و (حتى) ... » «٢»

وقال أبو البقاء في قوله تعالى: ثَجَّاجاً [النبأ ١٤]:

«يقرأ بخاء مكان الجيم بعد الألف، ولا أعرف لها وجها في لغة، فإن جعلت الخاء بدلا من الجيم، كان بعيدا، لبعد ما بين الخاء والجيم.» «٣»

فهذا تقارب الأصوات في المخارج، وقد يكون هذا التقارب في الصفات:

قال ابن جني في قراءة من قرأ: فشرّذ بهم من خلفهم [الأنفال ٥٧] بالذال:

«لم يمرر بنا في اللغة تركيب (ش ر ذ)، وأوجه ما يصرف إليه ذلك أن تكون الذال بدلا من الدال، كما قالوا: لحم خرادل وخراذل «٤»، والمعنى الجامع لهما أنهما مجهوران ومتقاربان.» «٥»

ونقل أبو علي عن أبي بكر بن السراج في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة ٦]، قوله: «والاختيار عندي الصاد، للخفة، والحسن في السمع، وهو غير ملبس، لأن من لغته هذا إذا كان يتجنب السين مع الطاء لم يقع عليه لبس، لأن السين كأنها مهملة في الاستعمال عنده مع الطاء، وإنما يقع الإلباس لو التبست كلمة بالسين بكلمة بالصاد في معنيين مختلفين.» «٦»


(١) عن بعض أعراب بني أسد، انظر معاني القرآن: الفراء، ٣/ ٢٨٦.
(٢) المحتسب: ١/ ٣٤٣.
(٣) إعراب الشواذ: ٢/ ٦٧٠ - ٦٧١، وانظر الحجة (ع): ٤/ ١٣٥ - ١٣٦.
(٤) أي مقطّع، جمع خردلة وخرذلة.
(٥) المحتسب: ١/ ٢٨٠، وانظر إعراب الشواذ: ١/ ٥٩٨.
(٦) الحجة (ع): ١/ ٥٠.

<<  <   >  >>