فإذا علمنا أن كل مجهور يعود في الهمس (الوشوشة) مهموسا «١»، أدركنا كم نال أولئك اللغويون من التوفيق حين تواضعوا على هذين اللفظين.
غير أنهم لمّا أرادوا أن يجعلوا لهذا الإحساس ضابطا يرجعون إليه، توهموا أن قوة الصوت في المجهورات عائدة إلى قوة الجهد في نطقها، حتى ينقطع معها جري النفس.
وعلى ما في الهمزة والقاف والطاء من جريان النفس معها، نظمت في الأصوات المجهورة لقوة الاعتماد في نطقها.
وزاد في ركونهم إلى هذا الحكم، فلم يعاودوا النظر فيه، أن لهذه الأصوات نظائر بيّنة الهمس، هي: الهاء، والكاف، والتاء.
فحسبوا أن مما يميز الهمزة من الهاء، والقاف من الكاف، والطاء من التاء، مع أن كلا من هذه الأزواج من مخرج واحد أو مخرجين متقاربين، هو الجهر في الأول، والهمس في الآخر.