المرسل لغة: من أرسل الشيء، أي: أطلقه، ويأتي بمعنى: وجهه، ذلك أن المرسل هو الذي روى الحديث عمن لم يسمعه ولم يعاصره؛ فكأنه أطلقه عن راويه.
مثل أن يقول سعيد بن المسيب: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يقول أيوب السختياني -وهو من طبقة صغار التابعين- أو الزهري أو الشعبي: عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء أرسلوا هذا الحديث، أي: أنهم أطلقوه ولم يقيدوه براو معروف، فمثلاً: لم يقل سعيد بن المسيب: سمعت عثمان قال: قال صلى الله عليه وسلم، ولم يقل الزهري: سمعت أنس قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، وإنما أطلقوه ولم يقيدوه براو معروف، الذي هو أحد الصحابة رضي الله عنهم.
وأيضاً يأتي المرسل في اللغة بمعنى: الاسترسال، والاسترسال بمعنى: الاطمئنان، أي: أن الراوي الذي أرسل الحديث اطمئن للطبقة التي فوقه، والتي أخذ منها، مثل أن نقول: إن الزهري أخذ الحديث عن أنس، فلما أخذه عن أنس اطمئن على صحة الحديث؛ لأنه لا كلام في أنس رضي الله عنه؛ لأنه معدل من فوق سبع سماوات، فلا يحتاج إلى أن يعدله أحد، فلما اطمأن على رواية أنس أسقطه، وروى مباشرة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يعلم أن هذا الحديث صحيح وليس ضعيفاً؛ لأنه من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه.
فكأن الراوي في مجلس التحديث استعجل، أو استعجله طلبة الحديث فروى الحديث وأسقط السند، فرواه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأرسله عنه، أي: أنه تعجل في روايته ولم يتأن، ولم يأت بالسند الذي فوقه.