للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فضل الإمام الثوري ومكانته وعلمه]

الثوري: هو الإمام العالم الزاهد التقي الورع العابد، أمير المؤمنين في الحديث، واسع الاطلاع، يحفظ ألف ألف حديث في الآثار وفتاوى الصحابة والمقطوع والموقوف وغير ذلك، فقد كان أوسع الناس في حفظ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ثقة ثبتاً، عالماً بالرجال، عالماً بالعلل، ولكنه كان يدلس، بل اتهموه بتدليس التسوية، أي: أنه كان يسوي الإسناد، وتدليس التسوية من تدليس الإسناد، ومع ذلك اغتفر تدليس الثوري؛ لأنه كان واسع الرواية، كما قال البخاري: ما أقل تدليسه بالنسبة لروايته.

يقول شعبة: أمير المؤمنين في الحديث الثوري، وكان إذا خالف الثوري شعبة قال شعبة: قدموا الثوري، فكان يقدم الثوري على نفسه؛ ولذلك كان ابن مهدي يقول: يقدم الثوري، فهو إمام زمانه، وكان يحيى بن سعيد القطان إذا قورن عنده بين شعبة والثوري قدم الثوري في علم الرجال، وأيضاً في حفظ المتون والروايات.

قال بشر الحافي: الثوري في زماننا كـ أبي بكر وعمر في زمانهما، وهذه دلالة على إمامته وجلالة قدره، وكان الثوري مع حفظه للحديث وعلمه بالسنة عابداً زاهداً ورعاً تقياً، وكان يصلي بوضوء العشاء، كان يقوم الليل حتى الفجر، وكان يأكل كثيراً ويقول: أتقوى به على قيام الليل، فهو كمن قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره)، وقد طلبه الخليفة للقضاء فرفض ورعاً منه وتقوى، فطلبه الوالي، وهم بقتله؛ فهرب منه، ثم طلبه، فقالوا: هو في مكة قد دخل الحرم فتعلق بأستار الكعبة، وقال: عذت بربي جل في علاه أن يصل إلي؛ فجاءه الخبر أن الوالي مات في الطريق قبل أن يصل إلى مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>