إن السنة النبوية من الأهمية بمكان، وتظهر أهمية السنة بعلاقتها مع كتاب الله جل في علاه، فهما صنوان متلازمان، لا يمكن أن يفترقا بحال من الأحوال.
وسنة النبي صلى الله عليه وسلم قال عنها عمران بن حصين: إن القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن، وما ذلك إلا لأن الله جل في علاه قال:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[النحل:٤٤]، وهذا التبيين يكون من النبي صلى الله عليه وسلم بسنته وبشرعه الذي شرعه، أو نقلاً لشرعه وحياً عن الله جل في علاه وقد قال الله تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم:٣ - ٤].
وتظهر أهمية السنة النبوية في أنها مبينة لكلام الله جل في علاه، ومبينة لمراده جل في علاه في كتابه، وهذا التبيين أنواع: فقد تكون مفسرة للمجملات، أو مبينة للمشكلات أو مقيدة للمطلقات ومخصصة للعمومات.
فالسنة النبوية هي التي تفسر لنا وتبين لنا مراد الله في كتابه، فمثلاً: لما أمر الله بالصلاة والزكاة في قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة:٤٣]، فإنه لم يبين أن صلاة الصبح ركعتان، وصلاة الظهر والعصر أربع ركعات، وصلاة المغرب ثلاث ركعات، وصلاة العشاء أربع ركعات، ولم يبين وقت كل صلاة، ولا شروط الصلاة وأركانها، وإنما أتت الآية مجملة، آمرة بإقامة الصلاة فقط.
فبينت السنة كل هذا، وهذه الآية من أعظم ما يرد به على القرآنيين، الذين يقولون: لا نأخذ إلا بالقرآن، ويرمون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم خلفهم ظهرياً، فإن قولهم هذا يؤدي إلى تعطيل الدين في نهاية المطاف؛ لأن أغلب الأحكام بينتها السنة، ولم تذكر في القرآن.