والقول الراجح هو قول البخاري وابن المديني، وهذا الذي عليه كثير من المحدثين من أهل التحقيق، وقد ذكر مسلم كلاماً شديداً جداً في القائل بهذا القول، واختلف العلماء هل يقصد مسلم بكلامه ذلك البخاري أم يقصد ابن المديني؟ والصحيح أنه يقصد البخاري، قال الذهبي: وفي مسلم حدة في خلقه حتى أنه لم يذكر البخاري بحديث واحد في صحيحه، والدارقطني يقول: لولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء، فـ البخاري هو الجبل بحق، وكلام مسلم الشديد هو قوله: وقال بعض المنتحلين لعلم الحديث! فهل البخاري ينتحل علم الحديث؟! هل البخاري يقال فيه:(المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)؟! البخاري هو أبو الحديث وأم الحديث وابن الحديث، البخاري هو جبل الحديث، البخاري هو الذي أشرقت شمسه علينا، وما عرفنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم إلا من دقة وإتقان البخاري , فكيف يقول الإمام مسلم هذه القولة في شيخه البخاري؟! اعتذر كثير من أهل العلم لـ مسلم بأنه ما قال ذلك إلا حفاظاً على السنة, وخشي أن يأخذ المحدثون بقول البخاري لجلالة قدره ولمكانته فتضيع كثير من السنن, وما اشتدت لهجته للقدح في البخاري، بل حفاظاً على كثير من السنن من باب: شيخ الإسلام حبيب إلينا والحق أحب إلينا منه، ولو تهاون في الرد لقال العلماء: هذا هو البخاري فمن هو مسلم الذي يناطح هذا الجبل الشم الشامخ؟! وبعض العلماء رجح قول الإمام مسلم حتى لا تضيع كثير من السنن، وبعضهم رجح قول البخاري، وهذا هو القول الأقوى والأصح، وهذا هو الذي رجحه من المتأخرين ابن حجر والسخاوي؛ ولذلك كثير من المحدثين يقدمون صحيح البخاري على صحيح مسلم؛ لهذا الشرط الذي اشترطه البخاري وهو ثبوت اللقيا ولو مرة واحدة مع وجود المعاصرة.