للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موضوعا في أسلم المواضع وأحسنها بحيث تكون من بلاغة النظم وشرف المعنى وسموّ الغاية" (١).

وأما معنى كون القرآن كله متشابها؛ فإن من الجلي أن صوغ مادة التشابه به في قوله: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً [سورة الزمر: ٢٣]، على صورة التفاعل يقضي بأن الكتاب الكريم ذو أجزاء كلها يشبه بعضها بعضا، على ما هو الكثير الغالب في صورة التفاعل.

وقد بين المفسرون الكمالات التي تتشابه فيه أبعاض الكتاب العزيز.

قال الزمخشري:" و" متشابها" مطلق في مشابهة بعضه بعضا. فكان متناولا لتشابه معانيه في الصحة، والإحكام، والبناء على الحق والصدق، ومنفعته الخلق، وتناسب ألفاظه، وتناسقها في التخير والإصابة، وتجاوب نظمه وتأليفه في الإعجاز والتبكيت" (٢).

وبهذا يتبين أن كلا من الإحكام في آية هود والتشابه في آية الزمر نعت كمال للقرآن جميعا، وأنه ليس بينهما أدنى قدر من التضاد، بحيث يقتضي الاتصاف بأحدهما التجرد من الآخر. بل في اجتماعهما شاهد حقية القرآن وكماله، وآية: لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢).


(١) انظر: رسالة المحكم والمتشابه، د. إبراهيم خليفة، ١/ ٣.
(٢) انظر: الكشاف، ٤/ ٩٥.

<<  <   >  >>