للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حصول الترجيح .. إلا أن النص راجح مانع من الغير، والظاهر راجح غير مانع من الغير. فهذا القدر المشترك هو المسمى بالمحكم. وأما المجمل والمؤول؛ فهما مشتركان في أن دلالة اللفظ عليه- المعنى- غير راجحة. وإن لم يكن راجحا، لكنه غير مرجوح؛ فهو المجمل. والمؤول، مع أنه غير راجح، فهو مرجوح لا بحسب الدليل المنفرد. فهذا القدر المشترك هو المسمّى بالمتشابه".

ثم قال:" .. فلا بد من قانون يرجع إليه في هذا الباب .. فنقول: اللفظ إذا كان محتملا معنيين، وكان بالنسبة إلى أحدهما راجحا، وبالنسبة إلى الآخر مرجوحا، ولم نحمله على المرجوح؛ لا بدّ فيه من دليل منفصل. وذلك الدليل المنفصل إما أن يكون لفظيّا، وإما أن يكون عقليّا. أما القسم الأول؛ فنقول: هذا إنما يتم إذا حصل بين هذين الدليلين اللفظيين تعارض. وإذا وقع التعارض بينهما؛ فليس ترك ظاهر أحدهما- رعاية لظاهر الآخر- أولى من العكس ...

فثبت بما ذكرناه أن صرف اللفظ عن معناه الراجح إلى معناه المرجوح في المسائل القطعية لا يجوز إلا عند قيام الدليل القطعي العقلي على أن ما أشعر به ظاهر اللفظ محال. وقد علمنا في الجملة أن استعمال اللفظ في معناه المرجوح جائز عند تعذّر حمله على ظاهره، فعند هذا يتعين التأويل. فظهر أنه لا سبيل إلى صرف اللفظ عن معناه الراجح إلى معناه المرجوح إلا بواسطة إقامة الدلالة العقلية القاطعة على أن معناه الراجح محال عقلا" (١).

والخلاصة من كلام الإمام .. أن المحكم: ما كان راجح الدلالة على معناه بنفسه .. احتمل مرجوحا كالظاهر، أو لم يحتمل كالنص. وأن المتشابه: ما ليس


(١) انظر: التفسير الكبير، ط. عبد الرحمن، ٧/ ١٧٩: ١٨٢.

<<  <   >  >>