للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبداعية الخوف من عقاب الله وغضبه، والطمع في ثوابه ورضاه. وهذا هو الوازع الديني الذي تمتاز بغرسه في النفوس الشرائع السماوية، وهو بلا شك أكبر عون للوازع الزمني في الحصول على مهمته.

ثانيا: لم ينهج القرآن في ذكره لآيات الأحكام منهج الكتب المؤلفة، التي تذكر الأحكام المتعلقة بشيء واحد في مكان واحد. وإنما فرق آيات الأحكام تفريقا. وقد يورد ما يتعلق بالطلاق والرضاع وأحكامها وما يتعلق بالخمر وحرمتها، فيما بين ما يتعلق بالقتال وشئون اليتامى، وانظر في ذلك قوله تعالى:

حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى [سورة البقرة: ٢٣٨]، حيث إنها وقعت بين آيات الطلاق وما يتعلق به. ثم .. انظر إلى قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ [سورة البقرة: ٢١٩]، وما قبلها من آيات القتال والردة، وما بعدها من آيات اليتامى ونكاح المشركات. ثم انظر إلى آيات الحج التي ذكر بعضها في سورة البقرة والبعض الآخر في سورة الحج. وكذلك تجد أحكام الطلاق والزواج والرجعة ذكر بعضها في سورة البقرة، وبعضها في سورة النساء، وبعضها في سورة الطلاق. وهكذا تجد القرآن في ذكره لآيات الأحكام أشبه شيء ببستان فرقت ثماره وأزهاره في جميع نواحيه حتى يأخذ الإنسان أنى شاء ما ينفعه وما يشتهيه من ألوان مختلفه وأزهار متباينة وثمار يعاون بعضها بعضا في الروح العام الذي يقصده، وهو روح التغذية بالنافع والهداية إلى الخير ..

ولهذه الطريقة فيما نرى إيماء خاص .. وهو أن جميع ما في القرآن، وإن اختلفت أماكنه وتعددت سوره وأحكامه، فهو وحدة عامة .. لا يصح تفريقه في

<<  <   >  >>