ومنها: أن من ترك النظر في القرآن، واعتمد في ذلك على من تقدمه، ودخل إليه النظر فيه .. غير ملوم، وله في ذلك سعة (إلا فيما لا بدّ له منه، وعلى حكم الضرورة). فإن النظر فيه يشبه النظر في القياس كما هو مذكور في بابه، وما زال السلف الصالح يتحرجون من القياس فيما لا نص فيه، وكذلك وجدناهم في القول في القرآن .. فإن المحظور فيهما واحد، وهو خوف التقول على الله. بل القول في القرآن أشد .. فإن القياس يرجع إلى نظر الناظر، والقول في القرآن يرجع إلى أن الله أراد كذا، أو عنى كذا بكلامه المنزل ... وهذا عظيم الخطر.
ومنها: أن يكون على بال من الناظر والمفسر والمتكلم عليه أن ما يقوله تقصيد فيه للمتكلم. والقرآن كلام الله، فهو يقول بلسان بيانه: هذا مراد الله من هذا الكلام. فليتثبت أن يسأله الله تعالى: من أين قلت عني هذا؟ فلا يصح له ذلك إلا ببيان الشواهد. وإلا .. فمجرد الاحتمال يكفي بأن يقول" يحتمل أن يكون المعنى كذا كذا"، بناء على صحة تلك الاحتمالات في صلب العلم. وإلا .. فالاحتمالات التي لا ترجع إلى أصل غير معتبرة. فعلى كل تقدير لا بدّ في كل قول يجزم به أو يحمّل من شاهد يشهد لأصله، وإلا .. كان باطلا، ودخل صاحبه تحت أهل الرأي المذموم" (١).
والآن .. وقد وصلنا إلى نهاية القول في التفسير بالرأي، فبوسعنا أن نعلم الحقائق التالية: