للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كقوله: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ [سورة الحديد: ٤]، فإنه يستحيل حمل المعية على القرب بالذات، فتعين صرفه من ذلك إلى حمله على القدرة والعلم أو على الحفظ والرعاية ... ، وقد يكون مشتركا بين حقيقتين أو حقيقة ومجاز ويصلح عليهما جميعا، سواء قلنا بجواز استعمال اللفظ في معنييه أو لا، ووجهه على هذا أن يكون اللفظ قد خوطب به مرتين: مرة أريد هذا، ومرة أريد هذا، ومن أمثلته وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ [سورة البقرة: ٢٨٢]، فإنه يحتمل: لا يضارّ الكاتب والشهيد صاحب الحق بجوز في الكتابة والشهادة، ولا يضارّ بالفتح، أي: لا يضرهما صاحب الحق بإلزامهما ما لا يلزمهما وإجبارهما على الكتابة والشهادة ...

والمفهوم: ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق. وهو قسمان: مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة.

فالأول: ما يوافق حكمه المنطوق. فإن كان أولى؛ سمي فحوى الخطاب، كدلالة فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ [سورة الإسراء: ٢٣] على تحريم الضرب؛ لأنه أشد. وإن كان مساويا؛ سمي

لحن الخطاب، أي معناه، كدلالة إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً [سورة النساء: ١٠] على تحريم الإحراق؛ لأنه مساو للأكل في الإتلاف. واختلف: هل دلالة ذلك قياسية أو لفظية، مجازية أو حقيقة؟ ...

والثاني: ما يخالف حكمه حكم المنطوق. وهو أنواع:

مفهوم صفة، نعتا كان أو حالا أو ظرفا أو عددا، نحو: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [سورة الحجرات: ٦] مفهومه: أن غير الفاسق لا يجب التبيّن في خبره، فيجب قبول خبر الواحد العدل. وحال نحو: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ [سورة البقرة: ١٨٧]، الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ [سورة البقرة: ١٩٧] أي: فلا

<<  <   >  >>